في الحلقة الثانية الأخيرة من الحوار المفتوح والشيق الذي كنا فيه مع المدرب القدير الوطني سلمان شريدة صاحب الإنجازات الواضحة، الذي كان له الثقل الأكبر مع الأندية التي قادها بحنكته إلى تحقيق الذهب.
كما استمتعنا في الحلقة الأولى عشنا المتعة نفسها أيضا في حوار الحلقة الثانية، والتي تحدث فيها عن تجاربه الخارجية في عمان والإمارات وباكستان التي ظهرت بصماته واضحة واستطاع فيها أن يقهر الظروف التي واجهته بتحدٍ كبير، قاوم فيها الغربة المريرة وصار يسابق الزمن حتى استطاع أن يضع اللبنات الأولى في هذه الدولة، وتبدأ بصماته بالظهور من خلال خلق فريق جيد نال إعجاب المسئولين في باكستان، حتى طلبوا منه أن يبقى معهم ولكن الحس الوطني تحرك في نفسه ليلبي نداء بيته الكبير (العود) ليعود مرة أخرى إلى عرينه ليقودهم إلى الذهب مرتين، فهذا هو ابن شريدة الوطني الذي رفع رؤوسنا في المحافل الخارجية، فلنقرأ حواره مع «الوسط الرياضي» في حلقته الثانية.
مباراة الرفاع تتويجية واحتفالية
هناك بعض الأصوات عاتبتك لإشراكك الفريق كاملا أمام الرفاع؟
- هذه المباراة لها خصوصيتها ليس فقط في المنافسة الشريفة بين الفريقين، فهي احتفالية للفريق، وفرصة لكل لاعب لعب طوال الموسم ان يشترك في ختامه، وبعدها يتوج بالبطولة وهي أيضا جماهيرية.
أنا أقول هل تستطيع أن تقنع اللاعب الذي لعب طوال الموسم وقدم العروض القوية ان يكون يوم التتويج والاحتفالية خارج القائمة، ورئيس الوزراء سيكون حاضرا، هذا أمر صعب، وأيضا أقولها تعتبر للمحرق يوم عرسه.
وكنت أنا بين نارين، ولكن في بعض الأمور المنطق لا يسير معنا، فكل هذه الأمور جعلتنا نشرك الأساسيين في هذه المباراة.
العمل المنظم يجلب البطولات
يقال إن المحرق يفوز بالبطولات مع أي مدرب سواء كان ذلك محليا او خارجيا، ما مدى صدقية هذا القول؟
- أنا أعتقد أن المدرب الجيد والإدارة الجيدة وإدارة الفريق الجيدة هي عناصر مكملة لبعضها بعضا، فلما تستقطب مدربا جيدا ولكن الإدارة غير ذلك فالأمر صعب، ولابد من المثلث المتكامل للفوز بالبطولات.
فمقولة إن كل مدرب يدرب يأخذ بطولة ناقصة ما لم تكن العناصر متكاملة مع بعضها بعضا، فهي مهمة ويكون لديك أيضا لاعبون جيدون، ولديك برنامج وطريقة عمل للفوز بالبطولة، وأنا لست مع هذا الكلام.
حضور الجماهير لا يسبب لنا الضغط النفسي
الحضور الجماهيري الكبير لمباريات المحرق ومطالبتها الفريق دائما بالفوز... هل يشكل ذلك عليك كمدرب ضغطا نفسيا في كل مباراة؟
- أبدا لم بشكل أي ضغط نفسي، فانا أعتقد أن الجماهير ليست اللاعب رقم (12) وإنما رقم (1)، فحضورهم مهم جدا ووجوده في المدرجات دافع قوي وجماهير المحرق وفية ومخلصة وأصحاب مواقف، ولا أنسى موقفهم في مباراة البسيتين إذ وجدوا خارج الملعب وشجعوا بهتافاتهم من الخارج وهذا يدل على معدنهم الأصيل، وأنا دربت المحرق سنتين فلم أجد هذا الضغط النفسي لحضور الجماهير.
لا صعوبات تذكر هذا الموسم
خلال هذا الموسم هل اعترضتكم بعض الصعوبات أو بعض المشكلات مع الفريق؟
- لم تكن هناك أية صعوبة تذكر، فأنت عندما تتفاءل بأسلوب حضاري تحصل على النتائج الايجابية. فانا من أول يوم استلمت قيادة الفريق جلست مع اللاعبين وقلت لهم لابد لنا من تحديد هدفنا، وان يكون هناك نظام يعرفه الجميع، ولابد من أن تقتنعوا أنكم أساسيون واحتياط وخارج القائمة، فأنا محتاج لكم كلكم لان وراءكم دوري عاصف وبطولة خارجية، وهناك إصابات وإيقافات وظروف أخرى، وعلى الكل أن يصبر، وبهذا لم نواجه أية صعوبة، ونحن متعاونون فيما بيننا، وأنت لا تستطيع أن تضع الفريق مثل طابور الجمعية كل واحد اخذ دوره، وقد تكون هناك تغييرات طفيفة حتى نعمل فريقا متجانسا.
أعتقد أن حسين سلمان في القسم الثاني مع عبدالله عمر كان لهما دور كبير في طريقة اللعب. فراشد الدوسري على يساره حسين سلمان، ووجود حسين سلمان ومحمود عبدالرحمن وفوزي مبارك 3 لهم إمكانات كبيرة، وفي اليمين عبدالله عمر، وأما في الهجوم فمن يكون ليست مشكلة، ولذلك أحرزنا أهدافا كثيرة مع مهاجمين كثيرين.
بعض المباريات لم أكن أخاف من المنافس ولكن احذر، فلذلك لا أعطي الظهيرين أي دور هجومي وانطلاقاتهم الأمامية تكون بحسب قوة المنافس وضعفه.
بعض المباريات اطلب من حسين سلمان أن يتوجه إلى الهجوم بشكل اكبر، والبعض الآخر اطلب منه ان يثبت مع راشد، والطريقة موجودة والتعليمات هي التي تتغير.
فمثلا مع النجمة في نهائي كأس ولي العهد، النجمة أغلق منطقته فتم غزوهم من كل صوب، وكان راشد الدوسري أكثر اللاعبين إيقافا لهجمات المنافس، فلذلك في المقام الأول الاهتمام بالناحية الدفاعية عند خسارتك للكرة فإذا تركتها للمفاجآت فذلك أمر صعب.
وقت الاستراحة قلت للفريق إننا سنصل ولكن من دون تهور، أعطوني دفاع 100 في المئة وسنصل لمرمى النجمة.
لست مدرب طوارئ
من اللافت للنظر أن سلمان شريدة دائما ما يستلم الفرق المحلية بعدما تكون في مواقف محرجة، ومن ثم يستطيع سلمان إنقاذها. هل نستطيع أن نطلق عليك مدرب طوارئ؟
- من قبل كنت ملتزما بعقود مع المنتخبات... وكنت قبلها أدرب منتخب الشباب أيام رئاسة الشيخ محمد بن عيسى آل خليفة، والمحرق يومها لم يوفق في الدوري فابعد مدربه وطلبوني لاستلام قيادته والاتحاد وافق على هذا الطلب، واستطعنا الفوز بكأس الملك أمام الشرقي بهدف نظيف.
مع الوحدة (النجمة) كنت قادما من عمان بعد انتهاء الموسم هناك، والفريق على وشك الهبوط، وكانت لديه مجموعة من العناصر الجيدة، فتحدث معي الشيخ عبدالرحمن بن مبارك والرئيس عيسى عبدالرحيم واستطعت إبقاء الفريق في الممتاز، وحققنا بطولة كأس الملك بعد الفوز على الرفاع والشرقي والبحرين وفي النهائي فزنا على المالكية.
وفي جانب آخر، حدثت مشكلة بين المحرق مع الرفاع وكنت ذلك الوقت أدرب الوحدة (النجمة) وكان رئيس المحرق آنذاك أحمد الشوملي بعدما تم حل الإدارة المحرقاوية، فطلبتني الإدارة من النجمة وكان الرئيس يومها الشيخ فواز بن محمد آل خليفة، فتمت الموافقة على انتقالي للمحرق واستلمت الفريق وتأهلنا إلى النهائي مع الأهلي وحققنا البطولة بهدفين مقابل هدف.
تسلمت قيادة نادي البحرين بعد عودتي من الإمارات تحدث معي الشيخ عيسى بن راشد آل خليفة، أنا أحب المغامرة واعتبر كل أندية البحرين أنديتي، واستطعت أن ابقي الفريق في الدوري، وبعدها الشرقي في ظروف صعبة والشباب أيضا بقي في الممتاز، وكان عملي في المنتخبات الوطنية لها انجازاتها إذ تأهلنا إلى نهائيات كأس العالم في تشيلي، وأنا اشكر الأندية التي منحتني ثقتها والتي كان بها مشكلات كثيرة وقالت لي يا سلمان طالبة مني إنقاذها.
المدرب الوطني ليس مظلوما
هل تعتقد أن المدرب الوطني مظلوم لأنه لم يأخذ الفرصة في تدريب الاندية والمنتخبات الوطنية؟
- سأتكلم لك عن نفسي، فانا تعبت ودرست وكافحت بكل ما املك من قوة وإمكانات، ولم أصل لما وصلت إليه الآن بملعقة من الذهب، وعملت بالتحدي وصبرت في العمل وعملت مساعدا للمدرب مع 8 مدربين، وسافرت إلى دول كثيرة وتغربت لكي أتعلم، والهدف موجود وهدفي حبي للعبة وتصور 3 سنوات دربت من دون راتب، وفي السنة الرابعة حصلت على الراتب وأنا لا ادري طبعا كان ذلك في المحرق.
من العام 1981 كنت أدرب المنتخبات الوطنية بدءا بالناشئين في سنغافورة وإلى اليوم مرّ 26 عاما وقمت بتدريب الكثير من الأندية، وهي رسالة عمل ونعمل مع الجميع في مجتمع واحد والراتب عملك يحدده مع النتائج.
في البحرين هناك المدربون منهم الجيد والمجتهد وأيضا الكسول ومنهم من يريدها بالسهولة.
وأعتقد ان دراسة هذه السنوات والتعب هو الذي حدد لي هدفي وحقق طموحي.
قبل ما استلم قيادة المحرق حصلت على عرض من الإمارات هو من النواحي المادية أكبر بكثير من المحرق، ولكن كل شيء من أجل المحرق يهون.
أما كلامك بان المدرب الوطني مظلوم، فالبعض جاءتهم الفرصة حتى مع المنتخبات، ولكن الشاطر هو الذي يستطيع إثبات وجوده، وأيضا الأندية أعطت الفرصة لهم ولكن الأندية تريد النتائج، وأعتقد أن معظم المدربين الوطنيين حصلوا على فرصتهم مع الأندية أو المنتخبات الوطنية، ويبقى المنتخب الأول لم يطرح ذلك من قبل المسئولين على الرياضة.
ولذلك أتمنى من إخواني المدربين ان يحبوا عملهم وان يدرب بإحساسه وبروح منفتحة على الجميع.
وأتذكر عنما كنت في لجنة المدربين بالاتحاد عملنا على إرسال مدربين إلى دورات خارجية تدريبية، وأحضرنا محاضرين على مستوى عال أمثال شتالي، ونظمنا الكثير من ورش العمل كله في سبيل رفع القدرات التدريبية لكل المدربين، وقمنا بتكريم شيخ المدربين جاسم المعاودة، وأقمنا دورات تخصصية في اللياقة البدنية والحراسة ودورات في (B) وغيرها من الدورات الأخرى.
تجربتي بالخارج مكنتني من التدريب
حدثنا عن تجربتك التدريبية الخارجية مع الأهلي العماني والعربي الإماراتي ومنتخب باكستان؟
- باختصار تجربتي مع الأهلي العماني في العام 1991، فهذا النادي تاريخيا كان ينافس على بطولات الدوري، ولكن في ذلك الموسم الذي استلمت فيه الفريق لم يكن ترتيبه جيدا حتى الأمور المالية لم تكن على مايرام، وعلى رغم ذلك استطعنا أن نعمل فريقا جيدا ويستطيع الفوز ويعتمد على الوجوه الشابة، وكانت سياسة جديدة تحتاج إلى الدعم المادي.
أنا كمدرب هذه المرة الأولى التي اخرج من البحرين، إذ كنت ابحث عن الخبرة والغربة، وكان هذا الأمر ناجحا إذ انك تختلط بأفكار المدربين الآخرين هناك.
أما العربي الإماراتي فبعد عودتنا من اليابان مع المنتخب الأولمبي وتحقيقنا نتائج جيدة صار الاتفاق مع هذا النادي الإماراتي، وكان الطموح والهدف صعود الفريق إلى الدرجة الأولى، ولكن لم يتحقق بسبب وجود أندية أخرى لها إمكاناتها الكبيرة والتي هي أفضل من العربي.
أما تجربة باكستان فهي تجربة من نوع فريد وخاص، فكونك تسافر إلى بلد عندهم كرة القدم هي اللعبة الرابعة فهذا أمر صعب التعامل معه، ولكنني أنا اعتز بهذا العمل في ظل هذه الظروف، واعتز برئيس الاتحاد هناك الذي كان متعاونا، كانت استيراتيجية طويلة الأمد، وبنينا منتخبا من الوجوه الشابة، وأحرزنا بطولة الجنوب في سيريلانكا، وهذا يعد انجازا لي كمدرب بحريني يعمل في بلد متأخر كثير في كرة القدم.
والتطور الكبير في الآسياد للفريق بعد خسارته 2/3 من اليابان و2/3 من الإمارات وصفر/ 1 من كوريا الجنوبية، كلها نتائج جميلة لم تأت من فراغ، وكنت دائما ابحث عن الصعب واحصل على حلاوته فيما بعد، وهذه المعاناة تعطيك الخبرة الكافية في التعامل مع الأمور كمدرب.
نأمل التوفيق لماتشالا
ما رأيك في التعاقد مع المدرب التشيكي ماتشالا لتدريب المنتخب الوطني الأول؟
- أتمنى للمدرب ماتشالا التوفيق في عمله هنا، وان يوفق لإحراز نتائج جيدة، وأعتقد ان كل المقومات الأساسية موجودة، وأملنا ان يحقق الطموحات المرجوة في المرحلة المقبلة، وهذا ليس بغريب على المدرب ولا على المنتخب.
أحب عملي والناس والقراءة
كيف هو سلمان شريدة خارج الملعب وبعيدا عنه؟
- هوايتي القراءة والاطلاع على ما هو جديد، واحرص دائما على قراءة الصحافة الرياضية اليومية باستمرار ومشاهدة القنوات الفضائية وخصوصا الرياضية، واقرأ دائما التحليلات الفنية في الصحافة الرياضية المحلية، ولكن هناك بعض الأمور من الإخوان الذين نحترمهم وهم إخواننا الذين يضعون بعض المشكلات ولكن لا يجدون لها حلولا، فأرجو منهم أن يكونوا دعاة للم الشمل وان يحددوا هدفهم في المصلحة العامة.
وأتمنى أن يكونوا دقيقين في نشر الأخبار، إذ لابد من متابعة المصدر من دون ان نخلق مشكلات؛ لأننا في مجتمع مثقف وواع وراق.
فانا أحب عملي في التدريب ولابد أن تكون أموري مخططا لها مسبقا ومبرمجة، وأحب أن أتأكد من أن كل شيء جاهز في السفر أو المعسكر وفي التدريب واللاعبون حريصون على ذلك أيضا. وأنا اجتماعي وأحب الناس.
ومشواري في التدريب لم يعطني الفرصة للجلوس مع نفسي وليس فقط العائلة، ولكن عندما ادخل المنزل الصفحة تنقلب وكأن ما حدث في الخارج لم يحدث قط، ولا أتطرق إلى أي أمر رياضي سواء في الخسارة أو الفوز داخل المنزل، ولا أضيع نفسي لا في الفرح ولا في الخسارة، ولو جعلت العاطفة هي التي تتحكم فلن استطيع أن افعل أي شيء في حياتي.
لا مشكلة في التجنيس الرياضي ولكن...
التجنيس الرياضي ليست فيه اية مشكلة من حيث المبدأ؛ لأنها ظاهرة عالمية، وحتى في الخليج موجود التجنيس والدول العربية.
ولماذا نتحسس منه؟ هل لدينا اكتفاء ذاتي من اللاعبين؟ لان اللاعب المجنس ستجنسه ليس للجلوس على مكتب انه سيجري في الملعب، ولكن السؤال الذي فرض نفسه هل هذا اللاعب هو الذي فرض عليك تجنيسه واتى لك وقال جنسني، فكما تعرف أن لاعب كرة القدم مستقبله يضيع في ثانية جراء الإصابة.
المسألة من تجنيسه تجربة والتجربة تتطور، ولابد أن نرى ردة الفعل في الشيء الجيد وغير الجيد أرميه، ولكن فلنتكلم عمن نجنسه فلابد أن تكون لديه الإمكانات الفنية التي هي الأفضل، وأنا اتفق معك في ان يكون التجنيس مدروسا وموفقا وفي محله.
كلمة أخيرة
أريد أن أشكر رئيس النادي على جميع التسهيلات التي قدمها إلى الفريق، ولا ننسى نائب الرئيس الشيخ راشد بن عبدالرحمن آل خليفة والإداري النشط فهد جلال والمساعدين سعيد مذكور ومحمد صالح الدخيل وجميع اللاعبين الذين تعانوا جميعا، فتم تحقيق الإنجاز بالفوز ببطولة الدوري وكأس ولي العهد، وإلى الجماهير الشكر موصول ولكل من ساندنا هذا الموسم.
العدد 1747 - الإثنين 18 يونيو 2007م الموافق 02 جمادى الآخرة 1428هـ