«صار نائب الحين... مش بوزك يسوي لك شي»، «الوزير يقول جذي، بس وين اللي يقول عنه»، وليس آخرا «أولياء أمور المتفوقين يطالبون جمعية الجامعيين بمراقبة البعثات التي تطرحها وزارة التربية والتعليم»... عبارات وغيرها كثير، متداولة بين الناس أو عبر صفحات الصحف اليومية، كلها توحي بأن هناك حلقة أو صلة وصل مفقودة بين الأدنى (المواطنين)، والأعلى (الإدارات أو الجهات المعنية والقائمين «الكبار» عليها).
«الكبار» يصدحون بتصريحات نافية أحيانا، ومطمئنة أحيانا أخرى، وبعضها تمس آمال المواطنين بحياة أفضل... ولكنها تبقى في نظر «الأدنى» مجرد حبر على ورق، أو تبريرات لا يمكن أن يقبلها العقل، أو هي «وعود» وستظل كذلك كالعادة، إذ لا أجل مسمى للإيفاء بها.
المشكلة التي تولدت عن انعدام الثقة بين الطرفين، هي حالة الثورة والهيجان الدائم الذي يعتمر قلوب «الأدنى» التي تدفعهم إلى تكذيب حتى «الصادق» والمطبق على أرض الواقع... إذ «ما من وراء «الكبار» خير، إلا ويتبعه شر»! يقابلها حال من الحيرة من قبل «الكبار» في محاولة لـ «تلميع الصورة» والظهور بالمستوى الذي يرضي «الصغار» الذين يبقون في نظر «الأعلى» (ما يعجبهم العجب ولا الصيام في رجب).
من العادل؟ ومن الظالم؟... لكل من الطرفين تبراراته التي تجعله الرابح في المعادلة، لكن في الغالب ما يفوز «الأدنى» بكفة «المظلومين» في حين أن «الأعلى» يظل يتأرجح بين الكفتين، فلا هو عادل مئة في المئة وإلا ما حامت الشكوك حوله (للأدنى حق، وخصوصا وهو يرى «الكبار» ينعمون بكل شيء في ظل حرمانه من أبسط حقوقه في السكن والصحة والعمل... وغيرها)، ولا هو ظالم مئة في المئة لأن ما من قانون يخطئ «الكبار» ويوقع عليهم الجزاء الذي يستحقونه فعلا... فما الذي سيجنيه المواطن من تسقيط «كبير» من الوزارة إذا كان سيظل ينعم بالرفاه مدى حياته؟! إلا إذا كانت غنائم «الكبير» ذاك ستوزع على «عدة صغار» بالتساوي إذ هي تكفيهم وتزيد.
إذا، التقسيم «الظالم» للثروة، الذي لم يقسمنا إلى فقراء وأغنياء فحسب، وإنما جعل الأفضلية لأناس دون آخرين حتى في القانون، هو أساس «أزمة الثقة» التي تعيشها البلاد... فمن أين ستأتي الثقة إن كنت سأظل في مرتبة «الأدنى» مهما بذلت، في حين من هم دوني يتوارثون «الأعلى» في كل شيء وبلا مجهود؟
إقرأ أيضا لـ "عبير إبراهيم"العدد 1747 - الإثنين 18 يونيو 2007م الموافق 02 جمادى الآخرة 1428هـ