أقبلت المعارضة الحوار مع الدولة أم مانعت، لا يبدو المشهد في الحالين مختلفا، فالبحريني في كلتا الحالين، هو من يدفع «الثمن». وسواء أكانت الحال بين الطرفين تصالحية أم على النقيض من ذلك تبدو الأمور سيّان ولا يدفع ضريبة التصالح أو اللاتصالح إلا من هو خارج العملية أصلا.
عودة سريعة لحصاد الحراك السياسي في البحرين منذ العام 2002 حتى اليوم تظهر لنا بوضوح، أن لا فرق، بين أن تشارك الوفاق أو أن تقاطع. لا فرق بين أن يكون الأمين العام لحركة حق داخل الوفاق أو خارجها، لا فرق أيضا، في أن يكون الثنائي «الخواجة» و«رجب» مدركا لخطورة تحركاته المتسرعة واللامسئولة أم لا. يبقى، ولايزال ذلك البحريني البسيط الطيب منسيا من الجميع، يدفع ثمن «التجارب» الواحدة تلو الأخرى.
الذي يحدث، هو أن يجبر البحريني على مناصرة سياسييهم في كل مرة. هم مطيعون، ولا يعصون البتة حين يصوّتون على القائمة الإيمانية وهم بارعون حد إيصال نوابهم بنسب خيالية من دون تزوير أو تلفيق. وهم أيضا، مطيعون ومضحّون جدا حين يؤمرون بالتظاهر احتجاجا على توقيف «الخواجة» أو «مشيمع» أو أية شخصية أخرى.
واقع الأمر، أن لا خيارات أمام «البحريني» إذ تعصف به سلط رجال الدين والكاريزمات السياسية التاريخية المتصارعة فيما بينها. وما خلا أن لا شيء قد تغيّر بالنسبة له يبقى «المواطن» في حدود العملية السياسية الضمانة التي تلقي بها مؤسسات المعارضة في ملعب «الدولة» فترميه في كل مرة وابلا من مسيلات الدموع تارة أو بسلسلة من التنازلات الموجعة تارة أخرى.
«الدولة» التي تغير مزاجها منذ العام 2002 تبدو مطمئنة لقواعد اللعب مع «المعارضة»، صحيح أنها بصدد التعامل مع معارضتين: الأولى داخل النظام، والأخرى خارجه، إلا أنها تدرك أن إطعام معارضة الداخل ببعض فتات الخبز بين فينة وأخرى - وهي لم تطعم معارضة داخل النظام أي شيء حتى الآن - هي الضمانة «الحديدية» أمام معارضة خارج النظام أن تكون خارج حدود السيطرة والتحكّم.
أرجوحة لا تتوقف، اللف والدوران بات عادة، وكرامة البحريني من سياسييه النبلاء البقاء موجوعا منتظرا أيامه الجميلة التي لم يرها بعد، ولعلّه لن يراها في القريب المقبل من سنوات الوجع والحرمان التي لا تريد أن تنتهي.
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 1746 - الأحد 17 يونيو 2007م الموافق 01 جمادى الآخرة 1428هـ