كنا على قدر من القلق والتلهّف عندما قرّرنا أن نستطلع يهودا وعربا أميركيين بشأن السلام في الشرق الأوسط هذه السنة.
ليس السبب هو أننا لم نفعل ذلك من قبل. استطلاعات أخرى قمنا بتكليفها ثلاث مرات في السنوات الست السابقة أظهرت أن اليهود والعرب الأميركيين يتفقون في الرأي بشأن أهمية الجهود لتحقيق السلام بين «إسرائيل» وجيرانها وعن الدور الحيوي الذي يتوجب على الولايات المتحدة أن تلعبه لتشجيع جهود كهذه.
ولكن هذه السنة مختلفة. فمعنويات الإسرائيليين والفلسطينيين منخفضة بشكل لم يسبق له مثيل من قبل. أوشك سكان تلك المنطقة من العالم على فقدان الأمل بسلام حقيقي نتيجة لاستمرار العنف والثأر والتطرف والفساد وانعدام القيادة. ويسيطر شعور باليأس على الرأي العام في المنطقة نتيجة لغياب أي أفق سياسي. ويعاني الأميركيون، سواء العرب أو اليهود الذين لهم ارتباطات بتلك المنطقة من العالم من هذا الشعور. كان قلقنا نابعا من أن الوضع المروع على الأرض سيقلل من الدعم لجهود السلام بين الجاليتين.
وكما كان متوقعا أظهر استطلاعنا أن معظم اليهود الأميركيين (73 في المئة) والعرب الأميركيين (63 في المئة) متشائمون بشكل واسع بشأن السلام في الشرق الأوسط.
إلا أنه على رغم الشك والتشاؤم مازال معظم اليهود والعرب الأميركيين، حسب الاستطلاع يرغبون برؤية حكومتنا تأخذ دورا قياديا في عملية دبلوماسية تأتي بالسلام والأمن لإخوانهم وأخواتهم في المنطقة.
إضافة إلى ذلك أظهر الاستطلاع أن معظم هؤلاء سيأخذون تلك الأولوية السياسية معهم إلى صندوق الاقتراع في نوفمبر/ تشرين الثاني العام 2008. وقد ذكر 3 في المئة فقط أنهم أقل احتمالا بأن يصوتوا لمرشح رئاسي يعد باتخاذ دور نشط في العملية السلمية الفلسطينية الإسرائيلية، بينما ذكرت غالبية واسعة من الأميركيين اليهود (68 في المئة) والعرب (64 في المئة) أنهم سيصوّتون على الأرجح لمرشح كهذا. كما ذكرت غالبيات مهمة من الجاليتين أنها ستصوت على الأرجح لمرشح رئاسي يَعد بدعم مفاوضات السلام بين «إسرائيل» وسورية.
يرسل استطلاعنا رسالة واضحة لا لبس فيها لمرشحي الرئاسة: ليس الانسحاب من دور أميركا التقليدي كصانعة سلام بين «إسرائيل» وجيرانها العرب هو الطريق لكسب الأصوات اليهودية أو العربية. لا تنظر أي من الجاليتين باستخفاف إلى استخدام الدبلوماسية في أجزاء أخرى من الشرق الأوسط. بمعنى آخر لن تستقطب إعادة لتوجه الرئيس بوش السياسي في الشرق الأوسط أصوات الناخبين العرب أو اليهود. وعند سؤالهم كيف يقيّمون تعامل الرئيس بوش مع النزاع العربي الإسرائيلي أجاب 76 في المئة من العرب الأميركيين ونسبة مذهلة (80 في المئة) من اليهود الأميركيين أنها سياسة غير فاعلة. بالمقارنة قيّم 65 في المئة من العرب الأميركيين و76 في المئة من اليهود الأميركيين أسلوب تعامل الرئيس بيل كلينتون مع أزمة الشرق الأوسط بأنه أسلوب فاعل. ويجب التذكير هنا بأن الرئيس كلينتون استثمر الكثير من وقته وهو يحاول التدخل شخصيا للتوسط بين القادة العرب والإسرائيليين.
كما ذكرت غالبيات ساحقة في الجاليتين اليهودية والعربية أنها تؤمن أن جهودا كهذه تعتبر حيوية للمصالح الأميركية، فقد اتفق 91 في المئة من العرب الأميركيين و96 في المئة من اليهود الأميركيين على أن محاولة تحقيق السلام والأمن والكرامة للإسرائيليين والفلسطينيين هو أمرمهم بالنسبة للمصالح الاستراتيجية الأميركية. وقد وافقت غالبية واسعة من كل جالية (80 في المئة) على أن الجهود الأميركية لحل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني ستساعد الولايات المتحدة على تحقيق أهدافها الأوسع في الشرق الأوسط.
وما يظهر بصورة أوسع الدعم القوي في أوساط الجاليتين للانخراط الدبلوماسي في الشرق الأوسط، النسبة المرتفعة من المستطلعين في الجاليتين الذين قالوا إنه يتوجب أن تدخل أميركا في عملية دبلوماسية جادة مع إيران بدلا من التركيز على الاستعداد لعمل عسكري. وقد فضّل 89 في المئة من العرب الأميركيين و73 في المئة من اليهود الأميركيين التركيز على العمل الدبلوماسي.
في الوقت الذي نأمل فيه أن يتنبّه السياسيون لنتائج الاستطلاع فإننا سنستمر في متابعة الرسالة التي يبعثها هذا الاستطلاع. فقد ذكرت غالبية ساحقة بلغت 90 في المئة من الجاليتين أنه من الأهمية بمكان أن يعمل اليهود والعرب الأميركيين معا لتشجيع سلام في الشرق الأوسط يعيش ضمنه اليهود والفلسطينيون في دولتين مستقلتين. ويعيد هنا الاستطلاع تنشيط جهود قيادات المنظمات اليهودية الأميركية والعربية الأميركية للاستمرار معا في النضال لتحقيق هذا الهدف.
* رئيس المعهد العربي الأميركي/ الرئيسة والمديرة التنفيذية لمنظمة الأميركيين من أجل السلام الآن، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»
إقرأ أيضا لـ "Common Ground"العدد 1746 - الأحد 17 يونيو 2007م الموافق 01 جمادى الآخرة 1428هـ