العدد 1745 - السبت 16 يونيو 2007م الموافق 30 جمادى الأولى 1428هـ

الأوقاف وفتاوى «الإصلاح»

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في الوقت الذي كنا ننتظر اتخاذ موقف شرعي واضح ومسئول من إصلاح مؤسسة الأوقاف (الجعفرية)، فوجئنا بالفتاوى المتناقضة بشأن استقطاع الـ 1 % لصالح صندوق «التأمين ضد التعطل»، بين من يرى الجواز ومن يرى التحريم. وهو مشروعٌ حيويٌ للمجتمع البحريني، ولم يكن الإشكال على وجوده من الأساس بل على الثغرات الكبيرة التي رافقته، وفي مقدمتها انتفاع العسكريين منه من دون المساهمة فيه، ومساواة العامل الأجنبي بالمحلي، وهو ما سيفتح النقاش على دهاليز العمالة الأجنبية، من الـ «فري فيزا» إلى «التجارة بالأفراد». إصلاح ثغرات مشروع «الاستقطاع» يستوجب تعاون كل الكتل في البرلمان التي صوتت لتمريره وليس الوفاق وحدها، فخير المشروع يجب أن يعم الجميع، وضرّه يجب ألاّ يصيب الفقراء وذوي الدخل المحدود.

انتظر الكثيرون أسبوعين لاتخاذ موقف أو صدور فتوى عن ضرورة «إنقاذ» الأوقاف، وتم التحذير في هذا العمود من ضياع فرصة الإصلاح في الأوقاف، مع التحفّظ على إعادة تعيين ثلث الأعضاء السابقين في مجلس الإدارة اعتمادا على ترشيحات المحافظين، وهم غير ذوي اختصاص. والأوقاف التي كشفت الصحافة واقعها وناقشت سلبياتها منذ أربعة أعوام، أصبحت اليوم تحت المجهر. ومع أن الوضع لم يتغير كثيرا، إلاّ أن هناك محاولات لتلميع بعض الأسماء تتولاها بعض الأطراف التي تسبّبت في جمود وتخلّف الأوقاف، بفعل السياسة الفئوية المنغلقة على الذات.

خطأ الأوساط الإسلامية المتدينة خصوصا، أنها تنتظر على الساحل ما تأتي به الأمواج، بعدها تبدأ في الانتقاد أو إعلان التذمر، وهو موقفٌ سلبيٌ لا يتفق على الإطلاق مع مفهوم القيام بالتكليف الشرعي. فالأسماء المقترحة رفعت للجهات العليا، وبعض من يفترض فيهم الغيرة على الأوقاف قال بالحرف الواحد: «سننتظر الأسماء وبعدها سنرى»، وهو موقفٌ خاطئ يعكس الروح السلبية والاتكالية وانتظار ما يقوم به الآخرون. فما الفائدة من الاعتراض على الأسماء أو التشكيك في كفاءتها لاحقا بعد صدور قرارات التعيين ونشرها في الجريدة الرسمية؟ ولماذا لا تتحملون مسئولية ترشيح أسماء ذات نزاهة أخلاقية وكفاءة علمية وإدارية ودينية لضمان إصلاح مؤسسة الأوقاف؟ وما هو دور الحوزات والمآتم وكبار العلماء لضمان احترام اختيارات الناس؟ فإذا لم تقدموا - كمجتمع - مرشحيكم وتدعموا أصحاب الدين والكفاءة، فأنتم شركاء في إيصال غير الأكفاء، ومسئولون عن استمرار تدهور الأوقاف، وما يعنيه ذلك من القضاء على آمال إصلاحها ورفع المستوى الثقافي والعلمي والديني للمجتمع.

وأجد نفسي مضطرا إلى تكرار القول إن اللوم لا يقع على الجانب الرسمي وحده، فنحن أيضا - أفرادا ومجتمعا وعلماء دين- نتحمل جزءا من المسئولية عن استمرار الوضع الراهن للأوقاف، وما يتطلبه من توافق بين مختلف الأطراف المعنية، من دون إقصاء أو استثناء أحد من التيارات.

إدارة الأوقاف ترتبط رأسا بـ «الأموال الشرعية»، حسب لغة علماء الدين، وعضوية الأوقاف تحتاج إلى مؤهلات علمية وفقهية وإدارية معينة، لا ينبغي تركها إلى اقتراحات غير ذوي الاختصاص، وسكوتكم عن تعيين أو تمرير بعض الأسماء، سيعتبر علامة الرضا، وأنتم تعلمون بالبئر وما فيها، ومهما تهرّبتم عن اتخاذ موقف الآن، فأنتم موقوفون غدا أمام الله، ومسئولون عن استمرار اختطاف الأوقاف، التي هي أهم ألف مرة من استقطاع %1. أقولها ربما للمرة الأخيرة إبراء للذمة، فقد بح صوتنا وأنتم صامتون. أرجو أن بلّغت، اللهم فاشهد.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1745 - السبت 16 يونيو 2007م الموافق 30 جمادى الأولى 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً