العدد 1744 - الجمعة 15 يونيو 2007م الموافق 29 جمادى الأولى 1428هـ

تحديات جائزة المحتوى الإلكتروني (2/2)

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

من جانب آخر، وضمن الأنشطة التي قامت بها «الإسكوا» للتحضير لمؤتمر القمة العالمي لمجتمع المعلومات الذي عقد على مرحلتين، الأولى في جنيف خلال الفترة من 10 إلى 12 ديسمبر/ كانون الأول 2003، والثانية في تونس في العام 2005، ومتابعة لمؤتمر غربي آسيا التحضيري للقمة العالمية لمجتمع المعلومات، الذي عقد في بيروت في بيت الأمم المتحدة من 4 إلى 6 فبراير/ شباط 2003، ونتج منه إعلان بيروت «نحو مجتمع معلومات في غربي آسيا»، قررت «الإسكوا» عقد اجتماع خبراء بشأن تعزيز المحتوى الرقمي العربي، يهدف إلى بحث أفضل السبل لتمكين البلدان العربية عموما وبلدان غربي آسيا خصوصا من الارتقاء بالمحتوى العربي على الإنترنت والوسائط الرقمية المختلفة، وتحديد الاستراتيجيات والآليات الأكثر فاعلية في هذا المضمار.

ويمكن تصنيف مجالات المحتوى الرقمي على أساس الفرص الاقتصادية المتاحة والخدمات العامة التي تتميز بمردودها الاجتماعي، في ثلاث فئات رئيسة على النحو الآتي:

1. الإعلام والترفيه ببنوده المتعددة، وهو محتوى له سوقه ووسائط إيصاله إلى زبائنه، بما فيها الإنترنت.

2. الأعمال والتجارة، أي التجارة الإلكترونية بأنواعها، إذ يمكن أن تكون السلع المتبادلة رقمية أو غير رقمية.

3. الخدمات العامة، إذ تقدم الدولة والمؤسسات التي تتوخى الربح المحتوى بهدف التنمية الاجتماعية.

وعند الحديث عن جائزة المحتوى الإلكتروني في البحرين فلابد لنا من القول: إن الخطوة الأولى أمام أي مشروع لتطوير المحتوى الإلكتروني في المملكة لابد له أن يأخذ في الاعتبار العناصر التي تعوق اليوم، صناعة المحتوى الرقمي العربي عموما. إن من أبرز العوامل التي تعوق قيام صناعة للمحتوى في المنطقة العربية عموما هي: عدم وجود استراتيجيات خاصة بصناعة المحتوى، ضعف جهود البحث والتطوير في استخدام اللغة العربية وتطوير أدواتها الحاسوبية، ضعف البيئة التمكينية لمساهمة القطاع الخاص في صناعة المحتوى، ضمور العرض وضعف الطلب. وبالتالي فلابد للحكومات من تحديد الأولويات الوطنية والإقليمية واتخاذ الإجراءات الكفيلة بتوفير البيئة الملائمة لتطوير هذه الصناعة، وكذلك لابد من رسم سياسة وتحديد استراتيجية واضحة تأخذ في الاعتبار التوجهات السائدة في صناعة المحتوى على صعيد العالم وأولويات صناعة المحتوى الرقمي في المنطقة العربية.

من هنا يحق لنا القول: إن التحديات التي تواجه صناعة المحتوى العربي ليس مصدرها عدم توافر الموارد المادية أو قلة المواهب أو عدم توافر الكتل الحرجة أو عدم توافر الأسواق بل يرجع التخلف إلى عدم وجود السياسات والرؤية المستقبلية.

ولعل الخطوة الأولى على طريق التصدي لتلك العقبات هي البدء في وضع دراسة تفصيلية عن مشكلة المحتوى: المعوقات، المؤشرات، والسوق والفرص الاقتصادية. يلي ذلك اقتراح التنظيمات اللازمة لتحسين بيئة الاستثمار في الصناعات المرتبطة بالمحتوى، بعدها نصل إلى أهمية تسليط الضوء على الفرص المتاحة في مجالات المحتوى مثل: المعلومات والخدمات المالية، المحتوى متعدد الوسائط والمتنقل، المحتويين الترفيهي والتعليمي، ثم التنسيق لإطلاق مشروعات قيادية في مجالات المحتوى وترسيخ المفهوم الأشمل للمحتوى الرقمي. وأخيرا لابد من تشجيع وتحفيز الكفاءات الشابة في مجالات تطوير المحتوى الإلكتروني.

ولتقريب المشكلة من ذهن القارئ، يمكننا الإشارة إلى التجربة الفرنسية. لقد كانت فرنسا سبّاقة على المستوى العالمي في استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات على النطاق الشعبي وبناء محتوى فرنسي مفيد للعموم من خلال المينيتل (Minitel) وهو نظام طورت تقنياته في فرنسا مؤسسةُ الاتصالات الفرنسية في مطلع الثمانينات وكانت عبارة عن نسخة مبسطة عن الحاسوب الشخصي الذي يرتبط بخط الهاتف، وكان يُقدمُ مجانا عوضا عن دليل الهاتف الورقي. وهذه كانت بداية التجارة الإلكترونية ولكن تأخر فرنسا في الانتقال إلى الإنترنت، أدى إلى ضعف المحتوى الرقمي الفرنسي خلال التسعينات؛ نظرا إلى العلاقة الوثيقة بين استخدام الإنترنت وتوليد المحتوى.

هذا الأمر دفع الحكومة الفرنسية إلى تكثيف جهودها في دعم استخدام الإنترنت ووضع خطة لبناء «الجمهورية الرقمية»؛ بهدف تثبيت ونشر مجتمع المعلومات. وأدى ذلك إلى نمو كبير للتطبيقات الرقمية باللغة الفرنسية وبالتالي توسيع وإغناء المحتوى الرقمي الفرنسي.

كل هذه التحديات تدفعنا نحو طريق واحد يؤكد أن التأسيس لصناعة محتوى إلكتروني متطور تتوافر فيها المقاييس العالمية في البحرين يتطلب تضافر جهود ثلاث مؤسسات.

المؤسسة الأولى هي الدولة وخصوصا وزارة الصناعة والتجارة، فعلى عاتقها تقع مسئولية تحويل الاحتفال إلى لقاء صناعي سنوي تحدد فيه الكثير من مقاييس صناعة المحتوى الإلكتروني سواءٌ أكان ذلك من حيث تصميم الموقع أم جمع محتوياته أم توزيعها على قنواته المختلفة أم عرضها على الزوار أم بثها لتوصيلها إلى أفراد مجتمعه.

ونحن على ثقة بأن وزارة الصناعة والتجارة عموما، وإدارة التجارة الإلكترونية فيها خصوصا، تمتلك الخلفية المهنية والنظرة المستقبلية التي تؤهلها كي تقوم بذلك.

الجهة الثانية التي ينبغي لها ونتوقع منها أن تتصدى لمهمة تتكامل مع ما تقوم به الوزارة، هي جمعية البحرين للإنترنت. فعلى عاتق هذه الجمعية تقع مسئولية خلق الوعي في سوق صناعة الويب البحرينية بمقاييس صناعة المحتوى الإلكتروني العالمية والارتقاء بآلية بنائها بالمستوى ذاته.

الجهة الثالثة هي الشركات المحلية الضالعة في صناعة الويب. فليس أمام هذه الشركات أي وقت تهدره إن هي شاءت أن يكون لها دور مؤثر في صناعة مستقبلية مثل صناعة المحتوى الإلكتروني.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1744 - الجمعة 15 يونيو 2007م الموافق 29 جمادى الأولى 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً