استضاف نائب رئيس الوزراء الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة أمس الأول رؤساء تحرير الصحف اليومية بقصر القضيبية؛ لعرض مبادرات إصلاح التعليم والتدريب التي ستشمل جميع مراحل التعليم الأساسي والعالي والفني والمهني... وكنت قد وصلت متأخرا نحو ربع ساعة؛ لأني عندما تسلمت الدعوة قرأت مكان العرض في «قصر» وفي «القضيبية»، وعليه عندما حان الوقت (الواحدة والنصف ظهرا) كنت على باب قصر الشيخ حمد في القضيبية. وبعدما حاولت الدخول من كل بوابة، عرفتُ أن القصر المقصود هو ذلك القصر الجديد الذي من المفترض أنه افتتح منذ فترة لاحتواء مكاتب رئاسة الوزراء والحكومة، وعليه أسرعت إلى المكان حيث كان نائب رئيس الوزراء ومعه وزير التربية ووزير الإعلام والرئيس التنفيذي لمجلس التنمية الاقتصادية يستعرضون المبادرات التي يهدف منها إلى إعادة المجد الذي كانت تتمتع به البحرين من ناحية التعليم والتدريب.
الشركات المتخصصة التي دعيت لتأسيس الآليات والكليات والأساليب تُعد من أفضل ما هو متوافر في عالم اليوم، ونتائج الإصلاح تحتاج إلى عشر سنوات كي تُخَرِّج لنا تلاميذ المعرفة الذين تحتاج إليهم السوق، بدلا من الوضع الحالي، إذ يتخرَّج الجامعي من دون أن تكون المواد التي درسها لها أي ارتباط بما يحتاج إليه اقتصاد البلاد. وقد شرح الشيخ محمد بن مبارك أن الهدف تخريج كفاءات على مستوى عالمي، بحيث تفرض هذه الكفاءات مستوى معيشتها المناسب لها حسبما تتطلبه السوق العالمية، تماما كما هي الحال الآن مع قطاع المال والمصارف الذي يجتذب أفضل الخبرات ويكافئها بأفضل المكافآت.
وعودا على ما كانت عليه البحرين في مطلع ومنتصف القرن العشرين، فإنه كانت لدينا دائرة «المعارف»، التي كان يشرف عليها أحمد العمران، وكانت لدينا برامج التدريب التي تشرف عليها «بابكو» آنذاك، وكانت الأفضل على مستوى الخليج لفترات طويلة. لاحقا تم تغيير فلسفة «المعارف» إلى فلسفة «التربية والتعليم» وأصبحت لدينا وزارة تُعنى بالتربية وبعد ذلك التعليم... وكانت «التربية» المقصودة هي «التربية القومية» التي تزعّمها جمال عبدالناصر، وهي تربية لم تنتج لنا القومية ولم تمهد لتعليم يتناسب مع العصر. ومنذ الثمانينات من القرن الماضي، تسلمت مجموعات إسلاموية التوجه جانب «التربية»، وانتقلنا من إخفاق إلى آخر، وكل ما تحقق هو مزيد من البعد عن «المعارف»، ومزيد من البعد عن كل ما يتلاءم مع روح العصر من تعددية وحقوق وديمقراطية، وانتقلنا من «تعصب قومي» إلى «تعصب ديني - طائفي».
واليوم نعود مرة أخرى لنراجع واقعنا، وربما نعود إلى عهد «المعارف»، ونضيف إلى ذلك «تنمية المهارات»، وربما نغيّر محتوى وزارة التربية والتعليم بحيث إلى «وزارة المعارف وتنمية المهارات»... ولكي نصل إلى هذا الطموح فإن علينا الآن أن نختار القيادات والكوادر غير المتأدلجة وغير المسيسة وغير المطأفنة؛ كي تقودنا إلى عصر المعرفة، حيث الكفاءة هي الأساس الوحيد للتقدم.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1744 - الجمعة 15 يونيو 2007م الموافق 29 جمادى الأولى 1428هـ