العدد 1742 - الأربعاء 13 يونيو 2007م الموافق 27 جمادى الأولى 1428هـ

NLP ثلاثة حـــــــــــروف تعــــادل «الثـــروة»

تصفها الباحثة في مجال العقائد والأفكار الفلسفية فوز كردي بأنها «جزء لا يتجزأ من منظومة تضم عشرات الطرق والتقنيات لنشر فكر «حركة نيو إيج» (New Age Movement) فهي طريقة عملية مبطنة لنشر (فكرهم العقدي وفلسفتهم الملحدة) في قالب جذاب وبطابع التدريب والتطبيق والممارسة الحياتية لا طابع التنظير والفلسفة والدين». وخلاف «الخوف» الإسلامي الأصولي من «البرمجة اللغوية العصبية» يذهب آخرون أيضا إلى اعتبارها «فبركة» معرفية وعملية «تلفيقية» تحاول أن ترتسم في بوتقة متكاملة تصنع «سلطة» اجتماعية جديدة من دون أن يتنبه إليها أحد.

وبين محاذير «الدين» و «الثقافة» نفسها يبقى بائعو الحروف الثلاثة (NLP) أمام اختبار صعب في أن يثبتوا أنهم يقفون في الزاوية العربية من NLP على أرض صلبة.

واقع الحال، كثيرون أولئك الذين غابوا عن البحرين لسنتين أو ثلاث ليعودوا «مبرمجين» و «أطباء» و «مختصين» في التدريب والعلاج، وتنتشر اليوم في البحرين الكثير من الإعلانات الدعائية التي تبشر بأكثر مما حمل «مارد المصباح» لعلاء الدين من معجزات ستتحقق، فالذي يدخل عالم البرمجة العصبية يستطيع ببساطة «أن يحكم العالم!» بل هو إنسان «متطور» يستطيع فيما يستطيع أن يكون عالما عارفا بالنوايا والأقدار.

كثيرة هي «الدعوات» و «الموضوعات» التي سلطت الضوء على البرمجة العصبية. ويسعى «فضاءات الوسط» إلى أن يفتح ملف البرمجة اللغوية العصبية على مصارعيه منذ هذا الأسبوع، أملا منا في الخروج بحوارات وتقاطعات مفتوحة عن هذا الملف الذي بات يشغل الكثير من الناس.

الفنون لا تنال ألقاب العلوم

يقول المختص في العلوم النفسية والاجتماعية عبدالله اليوسف في مقابلة مع إحدى الصحف السعودية عن البرمجة اللغوية العصبية: «يمكن اعتبار البرمجة اللغوية العصبية طريقة أو فنا وليس علما، إذ إنها خليط من نظريات علم النفس والاتجاهات وأساليب الإقناع والتأثير في الآخرين المتعارف عليها منذ وقت طويل، وتمت إضافة هذا المصطلح عليها كي يعطيها البريق والجاذبية لجمهور المتلقين، ولا يمكن إطلاق مصطلح علم على البرمجة اللغوية العصبية، إذ إن العلم والنسق العلمي له مكونات معينة لا تتوافر فيما يطرح عن هذا الاتجاه الجديد»، ويقول الباحث أحمد الليثي: «انتقادات كثيرة تلك التي تعرضت لها البرمجة اللغوية العصبية منذ نشأتها حتى الآن تواجه بالرفض وعدم الاقتناع. ومن أكثر الشرائح التي وقفت ضد هذا العلم الجديد الأطباء النفسيون، الذين يعارضون استخدامه في علاج المرضى النفسيين، بحجة أنه يعتمد بعض وسائل الطب النفسي؛ لأن ذلك يتم على أيدي مدربين ليسوا أطباء، ولم يؤهلوا التأهيل العلمي اللازم، كما أنه لا توجد جهة تتحقق من صحة عمله، وتؤاخذه على أخطائه، وهو ما قد يؤدي إلى فوضى في العلاج». ويضيف «يقول هؤلاء المنتقدون: إن البرمجة اللغوية العصبية ليست علما، بل هي وهم، وإن كثيرا من ادعاءات البرمجة اللغوية العصبية لم يثبت صحتها علميا، وإنها - على أقصى تقدير - يمكن أن تكون مجرد وسيلة ناجحة من وسائل الاتصال الإنساني، أو مجال العلاقات العامة، وليس لها أي دور أو فائدة علاجية».

الكثير من «النخبة» المثقفة باتت تبدي ممانعتها في أن يكون مدربو «البرمجة اللغوية العصبية» جزءا من الجسم الثقافي والعلمي المتخصص. ذلك أنهم لايزالون في خلاف حاد على اعتبار مجمل ما أنتجته هذه المعرفة علما قائما بذاته. أما ما ترتكز عليه هذه الانتقادات فهو أن الكثير من المدربين باتوا اليوم يزينون أسماءهم بالكثير من الألقاب العلمية التي حصلوا عليها من معاهد تدريبية غالبا ما تكون مناهجها غير مرخصة. وفي هذا السياق، تعتبر وزارة الصحة السعودية الوزارة الأولى خليجيا التي حذرت المواطنين من الدخول في دورات التدريب على البرمجة اللغوية العصبية معللة ذلك بأنها جميعا «دورات غير مرخصة وغير قانونية».

أما سعيد الزهراني فيقول: «بعض مدربي وممارسي البرمجة اللغوية العصبية حاول التقنين ومن ثم توظيف مفاهيمها أو تقنياتها توظيفا فيه النفع والفائدة، وذلك بعد أن أخذ بصالحها وترك طالحها، إلا أن البعض الآخر - أي السواد الأعظم - حاول أن يتكسب من ورائها تكسبا إما ماديا وإما معنويا. وأقصد بالتكسب المادي استنزاف جيوب الناس الذين دفعتهم الحاجة إلى المعرفة أو أولئك البسطاء الذين أرغمتهم المعاناة على البحث عن أسباب العلاج والشفاء على يد أناس أصبح لأسمائهم رنين ولمعان من خلال تسللهم عبر وسائل الإعلام واختراقهم التجمعات الثقافية والعلمية والاجتماعية، مرصعين أسماءهم بألقاب علمية ومهنية ودينية كالدكتور والشيخ والمهندس».

البرمجة اللغوية و «خنزب»

أما من ناحية مضامين البرمجة ومحتوى برامجها فتذهب الباحثة كردي إلى أن البحث العلمي أثبت اشتمال البرمجة العصبية على أمرين مهمين:

الأول: أنه برنامج انتقائي (eclectic) يضم مجموعة منتقاة من الفلسفات والنظريات والفرضيات من علوم شتى إدارية ونفسية ولغوية ودينية مع بعض الممارسات والتقنيات لمجموعة من الناجحين بمنظور غربي (منهم ناجحين في السحر والشعوذة والنفاق اللغوي). فمن هذه المجموعة المنتقاة تطبيقات مأخوذة و «منتحلة» من فروع العلم الأخرى كعلم النفس السلوكي والمعرفي وشيء من الإدارة والعلاج النفسي وغيرها، وعلى هذا فالبرمجة تشمل بعض التقنيات السلوكية الصحيحة التي لابد منها لإكمال البرنامج ليست من أصلها ولا من ابتكارها وإبداعها، وإن ظن ذلك كثير من المفتونين بها! صرّح بهذا في الغرب كبار روادها وذكره المدرب ودسمول فقال: «ليس في البرمجة شيء جديد»، على حين تجد - للأسف - في واقع المتدربين والمدربين من يظن أن كل مهارات الإيحاء برمجة عصبية، وكل نجاحات التربية والتواصل برمجة عصبية، وكل علاج نفسي صحيح برمجة عصبية، وكل مهارة في حل المشكلات برمجة عصبية، وكل مهارات التحفيز برمجة عصبية، وكل فنون الإقناع والتأثير برمجة عصبية، وكل تفكير تفاؤلي إيجابي برمجة عصبية!

الأمر الثاني: أنها فلسفة «الوعي الجمعي»، وهي صورة مطوّرة لفلسفة «العقل الكلي» وتطبيق جديد لعقيدة «وحدة الوجود»، والظاهر الذي تعرض به هذه الفلسفة ملخصه: أن مجال التطوير والنجاح للإنسان يتم بفاعلية أكثر من طريق بوابة واسعة تتعدى العقل وإمكاناته المحدودة، وتتجاوز سيطرته على الجسد وقدراته إلى قدرات اللاواعي، إذ يمثل اللاوعي في معتقدهم 93 في المئة من العقل على حين الوعي المنتبه (العقل) لا يتجاوز 7 في المئة بزعمهم لذلك يرون أهمية الدخول في حالات الوعي المغيرة بالتنويم أو التركيز وقوة التخيل أو التنفس العميق للاتصال بـ «اللاوعي» بهدف إطلاق قوى النفس الكامنة ومخاطبة العقل الباطن والاتصال من خلاله بالوعي الجمعي ليصل الإنسان إلى النجاح والتميز ويستطيع تغيير واقعه ومستقبله حسبما يريد مع أن ما يسمى العقل الباطن أو «اللاوعي» لا يعدو كونه فرضية، وهذا لا يعني أنه غير موجود، وإنما يعني أن هناك عدة ظواهر لم يستطع العلم حتى الآن تفسيرها تفسيرا دقيقا وقد يكون وراءها أكثر من أمر، وجمعها كلها وإطلاق لفظ «عقل باطن» أو «لا وعي» عليها مغالطة علمية مرفوضة.

تضيف كردي «ولعل من الطريف إيراد هذه السؤال الذي أوردته المدربة السابقة في مجال البرمجة والطاقة غادة الفارسي من الكويت في كتابها (علوم العقل الباطن تحت المجهر - تحت الطبع -) فتقول: (هل العقل الباطن هو خنزب؟). والباعث على سؤالها موقف تدريبي تحكيه فتقول: (قال لنا المدرب المسلم في إحدى الدورات: إن الصلاة هي مرحلة استرخاء يعمل فيها العقل الباطن بقوة لذلك يستطيع الإنسان خلال الصلاة أن يتذكر أمورا كان قد نسيها! على حين يصف المصطفى (ص) هذه الظاهرة بأنها من فعل (خنزب) الشيطان الذي يأتي للإنسان ليشغله عن الصلاة. فهل العقل الباطن هو خنزب؟)».

البرمجة اللغوية العصبية

البرمجة اللغوية العصبية هي ترجمة للعبارة الإنجليزية Neuro Linguistic Programming أو NLP، التي تطلق على علم جديد، بدأ في منتصف السبعينات على يد العالمين الأميركيين عالم اللغويات جون غرندر وعالم الرياضيات ودارس علم النفس السلوكي ومبرمج الحاسوب ريتشارد باندلر.

هو علم يقوم على اكتشاف كثير من قوانين التفاعلات والمحفزات الفكرية والشعورية والسلوكية التي تحكم تصرفات واستجابات الناس على اختلاف أنماطهم الشخصية. ويمكن القول إنه علم يكشف لنا عالم الإنسان الداخلي وطاقاته الكامنة ويمدنا بأدوات ومهارات نستطيع بها التعرف إلى شخصية الإنسان، وطريقة تفكيره وسلوكه وأدائه وقيمه، والعوائق التي تقف في طريق إبداعه وتفوقه، كما يمدنا بأدوات وطرائق يمكن بها إحداث التغيير الإيجابي المطلوب في تفكير الإنسان وسلوكه وشعوره، وقدرته على تحقيق أهدافه، كل ذلك وفق قوانين تجريبية يمكن أن تختبر وتقاس.

وامتدت تطبيقات البرمجة اللغوية العصبية في العالم إلى كل شأن يتعلق بالنشاط الإنساني كالتربية والتعليم والصحة النفسية والجسدية والتجارة والأعمال والدعاية والإعلان والتسويق والمهارات والتدريب والجوانب الشخصية والأسرية والعاطفية حتى الرياضة والألعاب والفنون والتمثيل وغيرها.

العدد 1742 - الأربعاء 13 يونيو 2007م الموافق 27 جمادى الأولى 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً