العدد 1742 - الأربعاء 13 يونيو 2007م الموافق 27 جمادى الأولى 1428هـ

المنجــز المؤقت

في الراهن العربي اليوم، ثمة تعجّل في كل شيء، بدءا بالسياسات والمواقف والعلاقات والثقافة والآداب، وليس انتهاء بالتعجّل حتى في الإنجاب!. مثل هذا التعجّل لا يمكن له أن يصوغ سياسات متزنة وحكيمة وبعيدة المدى، ولا يمكنه أن يصوغ مواقف تصبُّ في النهاية في صالح أصحابها، ولا يمكن أن يضمن علاقات قائمة على الوعي باشتراطاتها المنظورة وغير المنظورة، ولا يمكن أن يصوغ ثقافة تذهب نحو التجذر والتماسك، ولا يمكن أن يصوغ آدابا قادرة على الصمود أمام مماهاة المخيلة الإنسانية، ولو في الحدود الدنيا من طاقتها الجبّارة والخلاّقة.

كل منتج مما تم ذكره قابل للاهتزاز والتراجع والضمور والتلاشي. لكأنه ولد ليموت. إذ ثمة روح مؤقتة في جسد ذلك المنتج. روح لا عمر لها في خريطة الأعمار والزمن. هذا المؤقت... المهيمن في كل منتج عربي يضعنا أمام تساؤلات واستحقاقات كبرى. تساؤلات تتعلق بامتداد ذلك المؤقت... المتعجّل في حضورنا وبقائنا وفاعلية ذلك الحضور والبقاء، بل يمكن القول أن ذلك المتعجّل والمؤقت بدأ بالانسحاب على طبيعة ذلك الحضور والبقاء، فأمسيا مؤقتين مرتهنين اليوم، أو حتى غدا لتلك الروح المصابة بداء العبور والملامسة، ومن ثم الخبوّ والذوبان والتلاشي.

نتيقن اليوم أننا أمام ضرورة ملحّة لوضع حدّ لذلك التعجّل والمؤقت كي نستطيع - على أقل تقدير - أن نباشر لحاقنا المتأخر جدا بحزمة كبيرة وعريضة من المنجز البشري الذي يترك أثره على السياسات والمواقف والعلاقات والثقافة والآداب والقيم بصورة تظل أكثر من مؤثرة ومصيرية في الكثير من المفاصل التاريخية والإنسانية.

لعنة المؤقت التي تطارد «شبح المنجز العربي» تضعنا أمام خيار التأثير في الفعل ومصيره، أو استهلاك ذلك الفعل الذي يملك من دون شك التحكّم في ردود فعلنا ومصائرنا.

بات على أصحاب نظرية المؤقت والتعجّل أن يكفوا عن وضعنا رهائن لهذه الدورة الدقيقة من مباشرة الإنجاز، وما لم يحتكموا لشروط تلك الدورة، سنظل مختطفين بهكذا ممارسة وسلوك.

الثقافة الشعبية والتعاطي المتعالي معها

واحد من جوانب الخلل في الثقافة العربية اليوم، هو تعاطيها المتعالي والمهمّش للثقافة الشعبية، وما يرتبط بها. إلى اليوم لم تبادر أي من الجامعات العربية - من دون استثناء - بتأسيس مراكز للبحث، وتخصصات ذات قيمة وعمق، بحيث ترفد الجهود المتناثرة هنا وهناك في عملية البحث والتقصي.

لنكن صريحين. حتى الصحف والمجلات التي طغت في السوق في السنوات القليلة الماضية، بما تقدمه من غث وساذج من تلك الثقافة، انطلقت إما من حس تجاري بحت، وإما من باب مجاراة وركوب الموجة، بدليل أن نسبة كبيرة من المعنيين والمشرفين على تلك الصفحات والمجلات هم من الأسماء والوجوه المكرّسة في الساحة، من دون أن تمتلك غالبيتها تأهيلا علميا أو ثقافيا للتصدّي لما يردهم من مواد ومساهمات.

محاولة نفي أو تغييب تلك الثقافة عن بنيتها، والإصرار على انفصالها عن ثقافة محتفى بها، على رغم ما يعتور تلك الثقافة من قصور ومؤاخذات، يشير إلى حال انفصام بيّن.

كل أمم الدنيا - باستثنائنا - ظلت ولا تزال على تواصل مع الشفاهي من ثقافتها، بحثا ورصدا وتوثيقا ومنهجة، لإدراكها أن أي فصل لتلك الثقافة على اختلاف مستوياتها ومباعثها هو محاولة تمييزية محضة بغيضة، ولا تخلو من قصد وراءه ما وراءه.

الذين يختزلون الثقافة الشفاهية في الشعر، جهلاء وأميّون. الثقافة الشفاهية تتجاوز ذلك بكثير، وتمتد لتشمل السرد والحكاية والمشغولات اليدوية والحرفية، وصورا من الأعراف والتقاليد والبيئة والتعاطي معها، ونظم السلطة في بيئتها البكر، والأهازيج والموسيقى في صورها البدائية، وعلامات المكان والأزياء واللهجات والرياضات وصورا من التعاملات التجارية، والتقاضي...الخ. كل تلك الموضوعات هي في ما بعد خبر كان في الكثير من جامعاتنا ومراكز أبحاثنا، وتتعاطى معها بعض الصحف والمجلات بسذاجة ملفتة.

***

الأرض «كروية»... لاشك في ذلك، ولكن السياسيين بممارساتهم يجعلونها «أنشوطة»!.

***

الساسة جزّارون ببزات أنيقة.

***

حين يأوي السياسي إلى النوم، يتذكّر أمرا واحدا: كيف سيستانف دوره صباحا من دون مقاطعة!.

***

السياسي تاجر خرْدة... كل خطابه مستهلك!.

***

السياسيون يقودوننا إلى الكارثة، ويحرصون على معرفتهم بطرق النجاة. نجاتهم!.

***

يتفحص السياسي برنامجه الصباحي، فيما نحصي كوارثنا في المساء.

***

السياسي مقامر على طاولةٍ ضحاياها ممن لا حصانة لهم.

***

حين يختفي السياسي، يعمّ الرخاء!.

***

بعض السياسيين يرون في البشر المكتظة بهم الجغرافية امتدادا آخر لها!.

***

هل سنصل إلى مرحلة استخدام البشر مواد ردْمٍ لتوسعة الجغرافية؟.

***

في الصباح: الأمور تحت السيطرة. كل شئ على ما يرام.

في الضحى: نعتقد أن جهات ما تحول دون ذلك.

في المساء: لننتظر حتى الصباح التالي!.

في الصباح: نعتقد أن الأمور تحت السيطرة. كل شيء على ما يرام. الجهات «الظلامية» تحاول أن تسلبنا حقنا في الحياة «بوضوح».

***

السفن المليئة بالكنوز، لا تضمن الوصول إلى البر دائما!.

العدد 1742 - الأربعاء 13 يونيو 2007م الموافق 27 جمادى الأولى 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً