في كل عام، وبعد نتائج الثانوية العامة يطرح موضوع البعثات على المحك ويبدأ الطلبة، وخصوصا المتفوقين، بطرح أسئلتهم عن عدد البعثات وكيفية توزيعها وماهية التوزيع والمعايير التي توضع لها والأولويات التي تتبع في هذه العملية برمتها.
وإذا كانت نتائج الثانوية تشير إلى أن نسبة النجاح وصلت إلى 93 في المئة، فإن الموضوع سيكون أكثر سخونة هذا العام، وخصوصا أن جمعا كبيرا من الطلبة صعقوا العام الماضي بتحويلهم إلى كلية العلوم التطبيقية، ومن بينهم متفوقون فاقت معدلاتهم 93 في المئة! وأصبح موضوعهم الهم الوحيد الذي لاحق الطلبة في الثانوية، وبات مشهد خيبة الأمل الذي رافق الخريجين كالكابوس الذي يراودهم في الصحوة والمنام!
إذا، فالمشكلة ليست مشكلة عدد محدود جدا من البعثات توزع على عدد بسيط من المتفوقين الذين تجاوزا 1400 طالب، بل إن هناك مشكلة قد يكون وقعها أشد على الطلبة، وهي مشكلة التخصصات المحدودة والمقاعد المحجوزة، وزج طلبة في كلية لا يرغبون في خوض غمارها وركوب عجاجها مهما كانت التبريرات، وإذا صحت الأخبار المتداولة بأن عدد البعثات لن يتجاوز 700 بعثة، فإن ذلك يعني أن أكثر من نصف المتفوقين سيلجئون إلى حسابهم الخاص، فلربما لن يتمكنوا من الحصول على مقعد في جامعة البحرين، وهذا يعني بأن كثيرا منهم سينخرطون في الجامعات الخاصة، ولسنا بحاجة إلى الحديث عن أسعار بعض هذه الجامعات الباهظة.
نحن لا نريد أن نعكر صفو الطلبة الخريجين، ولا نطمح إلى «تعفيس» أمزجتهم، وخصوصا أنهم يعيشون لحظات من الفرح العارم مع أهلهم، ولكن من الضرورة أن يحسم موضوع البعثات والتخصصات قبل أن يفاجأ الطلبة بواقع يفرض عليهم. وبالمختصر المفيد نقول: من حق كل طالب متفوق أمضى ساعات طوال في التحصيل العلمي أن يحصل على بعثة أو منحة، ونشدد بأن هذا حق مشروع للطلبة.
وقد لا يتأثر الطلبة بأية صدمة محتملة في البعثات والتخصصات، وهذا الأمر وارد، لأن البحرينيين «متعودين على الصدعات» كما تعودوا على ارتفاع الأسعار والدفع أينما حلوا وارتحلوا، وهذا ما يؤكد موقف أحد أولياء أمور المتفوقين حين قصد «الوسط»، إذ ما إن أنهت ابنته التصوير والمقابلة حتى وجه إلي السؤال الآتي: «بسألك الدفع إهني لو في المكاتب تحت»؟! فأجبته بأن الملاحق في كل الصحف بالمجان، فابتسم ابتسامة عريضة لأنه لن يضطر على الأقل إلى الدفع هذه المرة، ولكن لن تطول ابتسامته طويلا فسيقصد شاء أم أبى إحدى دوائر الحكومة وهناك سيدفع مقابل أية خدمة.
إقرأ أيضا لـ "عبدالله الملا"العدد 1741 - الثلثاء 12 يونيو 2007م الموافق 26 جمادى الأولى 1428هـ