العدد 1740 - الإثنين 11 يونيو 2007م الموافق 25 جمادى الأولى 1428هـ

المالكية في الإعلام العالمي

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

تعود المالكية اليوم لتحتل من جديد شاشة الاهتمام الشعبي، بعد أن احتلت المشهد الإعلامي في صيف 2005، عندما انطلقت حركة احتجاج سلمية ضد «جدار الفصل الطبقي». كانت المالكية حينها محل متابعة الحكومة والشعب، فالحكومة لما مثّله الجدار من تحدٍ سافرٍ لسلطتها وهيبتها؛ والشعب لما يمثله من تعدٍ على حقوقه وكرامته وأمله بأن يأتي يومٌ يطبّق فيه القانون على الجميع.

«الجدار الطبقي» أزاله قرارٌ صادرٌ من القيادة السياسية العليا في البلاد، بعد 45 يوما من الاحتكاك بين طرفين: شخصٌ يتحدّى القانون، وأهالي متضرّرون متشبثون بالأرض وبأهداب القانون، طلبا للعدالة والإنصاف. واليوم تعود الكرّة من جديد، ولكن من أجل مصائد أسماك بدائية يسميها البحرينيون «الحظور».

ولمعرفة خلفية الصورة، لابد من معرفة أن هناك أكثر من خمسين بحارا متفرغا، وضعف ذلك من الهواة، من قرى صدد وشهركان وكرزكان، فضلا عن المالكية ومدينة حمد. ويعتمد البحارة المتفرغون في أرزاقهم على صيد السمك انطلاقا من هذه البقعة الضيقة من الساحل المخنوق. هؤلاء ليس لهم دخلٌ ثابتٌ ولا تأمينٌ صحي ولا غطاءٌ من التأمين الاجتماعي، يعتمدون على ما يجود به البحر كل يوم. هؤلاء يرون شخصا واحدا يزاحمهم في لقمة عيشهم، ويستأثر بمصدر الرزق من دونهم بنصب عشر حظور كبيرة، وهو في غنى تام عن الدخول معهم في منافسة غير عادلة، ستزيد حياتهم بؤسا وعسرا، ولن تزيده ثراء.

هذا الوضع غير السليم لن تجد ما يؤيده من منطق أو حكمة أو عقل، فضلا عما يلحقه من ضررٍ بالسمعة الشخصية، وما يسبّبه من إحراجٍ للموقف الحكومي المتردّد في معالجة الموضوع، وإرباكٍ لوزارة الداخلية التي تجد نفسها متورطة في الدفاع عن «حظور غير قانونية» تحت دعوى الدفاع عن «أملاك خاصة».

على أن الجديد والمهم الذي ينبغي التنبيه إليه اليوم، هو أن الحظور ستُدخِل «المالكية» على خط الإعلام العالمي، فوكالات الأنباء العالمية بدأت تطيّر أخبار المواجهات الأمنية المؤسفة إلى محطاتها الكبرى في لندن ونيويورك، مدعمة بالصور. والعالم الخارجي الذي اعتاد على سماع خطاب رسمي يصف أي حركة احتجاج شعبية عفوية بالإرهاب أو الارتباط بالخارج... هذا الإعلام الأجنبي لن يصدّق بعد اليوم مثل هذه الطروحات الكلاسيكية القديمة، وسيكتشف أن دولة «ديمقراطية» صغيرةفي خليج النفط مازالت تعيش مرحلة ما قبل الدولة الحديثة، وأن العلاقات الإقطاعية التي حكمت أوروبا قبل خمسة قرون، مازالت تتحكّم في بعض الممارسات الجارية على الأرض على أيدي بعض أصحاب الجاه والنفوذ والسلطان.

قبل عامين، اقتصرت التغطية الإعلامية على الصحافة المحلية، والتي امتدت 45 يوما، حتى أزيل الجدار، أما اليوم فإن الاهتمام وصل إلى الإعلام الخارجي، ولن تنفع بيانات التكذيب أو المقالات الصبيانية المليئة بالتهجم على القنوات الإعلامية أو التشكيك بصدقيتها، أو مطالبتها بتغطية مشكلات بلادها قبل أن تتكلّم عن بلادنا، خصوصا انهم تجاوزوا الإقطاع منذ قرون! والإعلام الذي يبحث عن الجديد والمثير، سيجد فرصة في تتبّع قصةٍ إخباريةٍ من الطراز الأول، تدور حول بقايا الممارسات الإقطاعية في الألف الثالث بعد الميلاد.

قبل عامين جاء الفرج بقرارٍ سياسي على أرفع المستويات، نزع فتيل الأزمة وأنقذ الموقف المتوتر وحفظ هيبة الدولة وانتصر للقانون، فهل ننتظر شهرا آخر حتى يتسنى للـ «CNN» نشر قصتها الاخبارية، أو نفاجأ بالـ«واشنطن بوست» وهي تتفنّن في عرض تغطياتها وتقاريرها؟

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1740 - الإثنين 11 يونيو 2007م الموافق 25 جمادى الأولى 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً