العدد 1740 - الإثنين 11 يونيو 2007م الموافق 25 جمادى الأولى 1428هـ

الثمن الباهظ للتدخين 1/2

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

جاء في دراسة نشرتها حديثا جامعة يال الأميركية في المجلة الطبية للادمان على الكحول والمخدرات، أنه كلما خففت السيجارة الاولى التي يدخنها المدخن في الصباح شوقه الى تدخين سيجارة أخرى، أصبح أصعب عليه الامتناع عن التدخين، حسبما أفادت نتيجة لاختبارات أجريت على عينة من 207 مدخنين.

ويؤكد بنيامين تول الذي أشرف على الدراسة أن ما ورد في هذه الدراسة لا يتضمن أي استنتاجات ممكن ان تساعد على الإقلاع عن التدخين، لكنه اضاف ان الهدف على المدى الطويل «يتمثل في امكان استعمال هذه الاستنتاجات لمعرفة ما هي جرعات الدواء التي يجب اعطاؤها للمدخنين بحسب درجة الصعوبة التي يواجهونها للاقلاع عن التدخين».

لكن ما يعول عليه الباحثون الذين شاركوا في الدراسة هو أن تخفيف درجة الشوق الى التدخين بعد السيجارة الاولى في النهار يمكن استعماله في مجال معرفة مدى الاستعداد للعودة الى التدخين وتخفيفه.

لكن ، وكما يؤكد هؤلاء الباحثون، يجب الاستمرار في البحث وتوسيع دائرته لتشمل أنواعا اخرى من الأدوية للمساعدة على الاقلاع عن التدخين وانواعا اخرى واشمل من الناس الذين ينوون وقف هذه العادة. بعيدا عن أي وعض للإقلاع عن التدخين أو أية محاولة للحديث لدعوة إلى الكف عنه من أجل تحاشي أية أضرار صحية، ربما كان من المفيد أن نورد بعض الأرقام التي تكشف مضار التدخين المالية والاقتصادية المباشرة وغير المباشرة، فلعل في تلك الأرقام ما يشجع المدخنين على التوقف عن عادة التدخين.

الأمر المتفق عليه والذي لا يجادل بشأنه الآن هو أن تدخين السجائر يضر بصحة الانسان على نطاق العالم. فالأمراض المرتبطة بالتدخين مسئولة فعلا عن واحدة من كل عشر وفيات بين البالغين على مستوى العالم، وبحلول العام 2030م، ومن الجائز قبل ذلك، ستكون النسبة تتراوح بين 6 او 10 ملايين وفاة في السنة، ما يجعل التدخين أكبر سبب منفرد للوفاة. وحتى عهد قريب كانت محنة التدخين من أهم أسباب الأمراض المزمنة والوفاة، التي اصبحت تطول سكان البلدان الغنية والفقيرة على السواء، والأخطر من ذلك، أن هذه المحنة تنتقل بسرعة الى العالم النامي، وبحلول العام 2020م يكون 7 من كل 10 ممن يموتون بأمراض يسببها التدخين.

وفي الإحصاءات العامة لمنظمة «الصحة العالمية» تقدر خسائر الحرائق بـ 30 في المئة من الخسائر التي تحدث بسبب التبغ، كما أن هناك خسائر أخرى للتدخين السلبي وهو استنشاق غير المدخن.

هناك خسائر أخرى قد يجهلها الكثيرون وهي ساعات العمل المفقودة بسبب تعاطي الدخان، وعلى رغم أنه لا توجد إحصاءات دقيقة بشأنها فإنها تمثل رقما قد يكون مؤثرا إذا ما وضعنا في الحسبان أن نسبة كبيرة من العاملين والموظفين هم من المدخنين، ثم يأتي الحديث عن الخسائر التي اعتبر أنها (منطقية ولا منطقية) وهو ما تتكبده الجهات العاملة في مجال مكافحة التبغ من خسائر في سبيل نشر ثقافة الامتناع عن التدخين والتوعية بأضراره وعلاج المدخنين من أوبئته. نعم منطقية لأنها تمثل توجها مهما ونبيلا في مجال تحجيم انتشار هذه الوباء والعمل على إيقاف تمدد آثاره السلبية على حياة الفرد والمجتمع والدولة وغير منطقية لأننا يجب ألا نكون بحاجة إلى موازنة لتكافح شيئا ضارا نستجلبه بأنفسنا ونخسر عليه المليارات وعلى نتائج ممارسته أضعافها. ويوجد حاليا أكثر من مليار مدخن في مختلف أنحاء العالم، وإذا استمرت الاتجاهات الحالية فمن المتوقع ان يرتفع العدد الى أكثر من مليار ونصف المليار بحلول العام 2025م.

وأوضحت بعض الدراسات التي أجريت في الصين بمنتصف العام1990م أن التكاليف المباشرة وغير المباشرة للتدخين وصلت إلى 6.5 مليارات دولار في العام، وبما أنه توجد وفيات تصل إلى 3 ملايين في العام بسبب التدخين، فإن هذه التكاليف في ارتفاع مستمر، أما الوفيات المبكرة الناتجة عن التدخين فيمكن أن يكون لها تأثير مأسوي على الاقتصادات الوطنية، إذ هناك حوالي 650 مليون شخص يمكن أن يتعرضوا للوفاة بسبب التدخين، نصفهم من المرحلة العمرية المنتجة، وكما أن الأمراض المتعلقة بالتبغ تزيد في الدول النامية فإن تكاليف العناية الصحية تزيد كذلك. وبينما يكدح الكثير من الناس في حقول التبغ، وتسعى المصانع إلى تحقيق الغايات، نجد أن مسئولي المصانع يحصلون على أكبر الفوائد، ففي العام 2002م قدمت أكبر شركات التبغ في العالم أكثر من 3.2 ملايين دولار على شكل رواتب وحوافز، واستنادا إلى دراسات قامت بها مؤسسة خيرية بريطانية، فإن دخل مُزارع في البرازيل يحتاج إلى 6 أعوام ليحصل على دخل يوازي ما يحصل عليه مدير أحد مصانع التبغ الكبرى في يوم واحد. وخلال العقود القليلة الأخيرة، زاد الإنتاج العالمي للتبغ بشكل كبير وخصوصا في الدول النامية إذ زاد الإنتاج بمعدل 128 في المئة ما بين 1975م و1998م إذ يُزرع التبغ حاليا في 100 دولة، وهذه الزيادة الكبيرة في زراعة التبغ يتم تشجيعها، في بعض الأحيان وتمويلها بواسطة شركات التبغ، إذ كان من نتائج ذلك عدم استقرار أسعار التبغ إذ قلت أسعاره بنسبة 37 في المئة ما بين 1985م و2000م.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1740 - الإثنين 11 يونيو 2007م الموافق 25 جمادى الأولى 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً