في وقت مضى، كان الجنون هو تراجع لوظائف الدماغ الفكرية والتمييزية، إذ يعجز «المجنون» عن تأدية ما يمكن للعاقل أن ينجزه. أما في أيامنا، فبرز نوع جديد من التخلف العقلي سمي بـ»الخرف» عوارضه واضحة تجلت في اختلاط المنطق باللامنطق، إذ يدخل المصاب بهذا الجنون زوبعة فكرية توصله إلى تخيل حقائق خيالية.
وبرز هذا «التخريف» أمس الأول في مزاعم لرئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو بأن الرئيس السوري السابق حافظ الأسد أبدى استعدادا للتنازل عن جزء من مرتفعات الجولان لـ»إسرائيل» أثناء المحادثات التي جرت في التسعينات من القرن الماضي، وبحسب تلك المزاعم فإن سورية تنازلت عن جبل حرمون (الشيخ) بعد أن أبدى نتنياهو مخاوفه من تهديدات إيرانية وعبر عن حاجة «إسرائيل» لأعين في الشرق للتغلب على تلك المخاوف.
وفي واقع الأمر، لسنا بحاجة لأن تنفي سورية هذه المزاعم، لأن كلمات نتنياهو تضارب نفسها، فكيف يمكن لدمشق التي تربطها علاقات وطيدة بطهران أن تتخلى عن جزءٍ من أراضيها إلى أحد أعدائها في سبيل أن يحمي نفسه مما يزعم أنه تهديد إيراني؟.
ضرب من الجنون أن يسلم الأسد حقا شنت دمشق حربا لأجله، وأوضح دليل على ذلك انهيار المباحثات التي كان من أبرز المطالب السورية فيها انسحاب الاحتلال الإسرائيلي إلى حدود ما قبل العام 1967.
واليوم فإننا في انتظار تصريحات جنونية جديدة تصدر من شخصيات جديدة لنصفها بالجنون، لنعود ونرثي لحالنا مما يتردد في نشرات الأنباء.
إقرأ أيضا لـ "محمد سلمان"العدد 1737 - الجمعة 08 يونيو 2007م الموافق 22 جمادى الأولى 1428هـ