قام الحقوقي - الجدير بلقبه - الأخ نبيل رجب بزيارات متعددة لمناطق وبيوت سنية تقبع في دوائر الفقر والعوز والحاجة، من أجل توثيق مثل هذه الحالات. ولكن «في كل مرة كانت هناك جهات مجهولة تتدخل وتدفع هؤلاء المتضررين والفقراء لأن يتصلون بنا ويطلبون منا عدم الاستفادة مما تم توثيقه من مقابلات أو صور أو أفلام». ويضيف نبيل: على العكس من ذلك في القرى والمناطق الأخرى. فماذا نفعل، هل نتوقف عن طرح قضية الفقر والفساد؟ وإذا كان التمييز المبرمج هو من أسباب الفقر الذي تتعرض له فئة معينة، فهل الكشف عن ذلك يعتبر تعريضا بالفئات الأخرى التي تعاني أيضا من الفقر والإهمال؟ إلى هنا وأنا اتفق تماما مع ما ذكره «نبيل».
إلا أنني لا اتفق معه في الاستعانة بـ «السي إن إن» التي «لها دوما أجندتها الخاصة»، باعتراف نبيل في رسالته لي، والتي وصلتني من عدة جهات، من داخل وخارج الصحيفة! ويعلم «نبيل» المقاصد إننا لا نسعى إلى «تشويه سمعة الآخرين أو المساهمة في كسر عزيمتهم وإخراجهم من ساحة خدمة المجتمع سواء في مجال حقوق الإنسان أو غيره»، وإنما نسعى لتدارك الأخطاء والانطباعات السلبية التي يكون ضررها على السلم الاجتماعي وتوتير الأجواء بين السنة والشيعة، وهو ما تسعى إليه بعض الجهات في الداخل، وبعض الجهات الأجنبية في الخارج.
حديث نبيل ذو شجون، ونحن نعلم بما يعانيه السنة، كما الشيعة، من فقر وبطالة وأزمة إسكانية وغيرها... إذ في حين يطالب الشيعة بحقوقهم، وهذا حقهم كمواطنين، يسكت السنة ويقبعون في دوائر السلبية! وتتمظهر تلك السلبية في تقوقعهم وانعزالهم عن المطالب المشروعة. حتى بدا للمراقبين للوضع العام، وللصحافيين والمتتبعين للشأن العام، أن السنة، بما أنهم لا يطالبون بحقوقهم فإنهم يحصلون عليها وفوقها «بوسه»! تلك النتيجة السطحية، أو القراءة الأولية للوضع العام يتكئ عليها الانتهازيون لممارسة الابتزاز السياسي وتحقيق أجندات محددة، ويستدل، بالنتيجة ذاتها أيضا، البعض الآخر من دون وعي.
لست هنا في حل من أمري إن طلبت من أي مواطن (سنيا أم شيعيا) السكوت، إذ «عجبت لمن لا يجد قوت يومه أن لا يشهر سيفه»، وإن كان السيف في دولة القانون والمؤسسات يكون بالمطالب المشروعة سلميا، وضمن إطار القانون، والأهم أنه لا يخدش السلم الاجتماعي، الذي عاشه آباؤنا وأجدادنا سنين طويلة. وما ضاع حق وراءه مطالب.
عودا على سلبية السنة، لا بد من البحث في الأسباب، وإن كان ليس منا من قام بدراسة علمية لمعرفة الأسباب الجامعة المانعة لهذه السلبية، إلا أن ذلك لا يعفينا من ذكر مجموعة من الأسباب، منها: الدينية والاجتماعية والسياسية، وظروف تاريخية، وبيئة إقليمية محيطة. طبعا لن نستطيع في هذه الزاوية حصر جميع ذلك، إلا أنني اعتقد أن مجرد طرح مجموعة من الأسباب، أو العوامل هي مفتاح للوصول إلى مفاهمات مشتركة جامعة. وذلك يحتاج قبل كل شيء إلى التجرد والموضوعية والحياد. وللحديث صلة.
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 1737 - الجمعة 08 يونيو 2007م الموافق 22 جمادى الأولى 1428هـ