العدد 1737 - الجمعة 08 يونيو 2007م الموافق 22 جمادى الأولى 1428هـ

دعوة ولي العهد إلى اندماج الشركات (1/3)

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في حديث على هامش حفل استقبال أقامته جمعية المصارف البحرينية، وتناقلته وسائل الإعلام الدولية والمحلية، دعا ولي العهد رئيس مجلس التنمية الاقتصادية صاحب السمو الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة «المصارف العاملة في البحرين إلى عمل اندماجات فيما بينها لتكون قادرة على المنافسة بشكل أفضل، وخصوصا أن أحجام المصارف في الدول الخليجية الأخرى أكبر بكثير من تلك الموجودة في المملكة».

ويبدو أن دعوة سمو ولي العهد هذه تأتي في نطاق استراتيجية الإصلاح الاقتصادي الشاملة التي تضطلع بها أكثر من مؤسسة بحرينية من بين أهمها مجلس التنمية الاقتصادية وصندوق العمل ووزارة العمل. وأكثر من ذلك هي تأتي تلبية للاتجاهات الاقتصادية التي بدأت تتنامى في السوق الخليجية.

فقد كشفت ورقة عمل شارك بها مدير إدارة التسويق والمعلومات بالبنك السعودي للتنمية صالح العضاض في لقاء استضافته الغرفة التجارية الصناعية بالرياض حديثا بشأن اندماج الشركات الصغيرة، عن أن هناك غالبية ساحقة تؤيد اندماج الشركات العربية، مشيرا إلى أن استفتاء للاندماج العربي والدولي كشف عن أن نحو 93 في المئة أيدوا اندماج الشركات العربية في حين عارضت نسبة ضئيلة تقدر بنحو 6 في المئة، وفي دراسة أخرى شملت 140 صفقة اندماجية، كشفت عن أن 83 في المئة من عمليات الاندماج لم تكن ناجحة في تحقيق مزايا للشركات بسبب عدد من الأسباب.

وأكد العضاض أن الاندماج يُعد سبيلا للشركات للخلاص من الانهيار والإفلاس، كما يهيئ فرصة للدولة لتقوية اقتصادها ويمكّنها من التصدي والمحافظة على أسواقها الداخلية والخارجية وفتح أسواق جديدة إلى جانب توحيد الإدارات وخط التفكير وانسجامه بالنسبة إلى الشركات وتوفير الأيدي العاملة الماهرة وجودة الإنتاج وخفض النفقات.

من جانب آخر، تأتي دعوة سمو ولي العهد وسط مجموعة من المتغيرات الاقتصادية في السوق العالمية والتي ظهرت في ظل العولمة وأدت إلى قلق الشركات التجارية على مستقبلها الاقتصادي في البقاء والقدرة على المنافسة؛ ما حدا بهذه الشركات إلى البحث عن تحقيق التركيز الاقتصادي لمواجهة تلك المتغيرات، حتى أصبح الاقتصاد الحديث يتميز بظاهرة التركيز الاقتصادي.

وتوجد عدة وسائل لتحقيق التركيز الاقتصادي منها الاندماج، الشركة القابضة، المشروع المشترك، والترست (Trust) والكارتل (Cartel)، إلا أن الاندماج يكاد يكون أهم تلك الوسائل وأكثرها شيوعا لما يترتب عليه من مزايا.

فنظرا إلى ما يشهده العالم في القرنين الأخيرين من ثورة مذهلة وهائلة في شتى مناحي الحياة في مجالات الصناعة والتجارة والاتصالات حتى أضحى العالم على كبره واتساعه قرية صغيرة. وقد أحست الدول المتقدمة بذلك، فاعتمدت أسلوب تجميع وتركيز رؤوس الأموال ليتسنى لها تحقيق أهدافها وأغراضها من أغراض اقتصادية وتجارية وصناعية وعلمية وسياسية.

وكانت الولايات المتحدة الأميركية من أوائل الدول التي تنبهت إلى ذلك فعمدت إلى دمج الكثير من الشركات في وحدات وشركات كبيرة عملاقة قادرة ماليا وتجاريا على تحقيق أغراضها ومشروعاتها التي أنشئت من أجلها، حتى أصبحت تلك الشركات قوية بالداخل والخارج، فاتجهت إلى الأسواق العالمية، حتى كادت تحقق السيطرة على السوق العالمية، فتنبهت إلى ذلك دول أوروبا فسارعت إلى اتخاذ الأسلوب نفسه في تركيز الأموال؛ ما ولّد منافستين تجارية واقتصادية تشكلتا بالطابع السياسي، ولم يقتصر الاندماج على الدول الرأسمالية، بل وجد طريقه أيضا لدى الدول الاشتراكية، إلا أن فلسفتها مختلفة عن الدول الرأسمالية، ولكن في كلتا الحالتين، كان الهدف توفير الأموال الكافية لتحقيق الأهداف والقدرة على المنافسة بالخارج.

فعلى الصعيد الدولي وطبقا لبيانات مكاتب المتابعة المالية الدولية شهد العام 2006 إقبالا كبيرا من المؤسسات المالية والصناعية على شراء الشركات الصغرى أو دمجها في صفقات بلغ مجملها 3610 مليارات دولار، نصفها كان في أوروبا لتحطم الرقم القياسي للعام 2000 بزيادة قدرها 200 مليار دولار.

ومن الملاحظ أن ثلثي عمليات الشراء والاندماج تمت برعاية المؤسسات المالية التي تتولى إدارة الثروات الخاصة، وهي ظاهرة لم تكن منتشرة من قبل بهذا الشكل، إذ كانت المصارف الكبرى هي التي تقف وراء مثل تلك الصفقات.

ويرى خبراء الاقتصاد أن هناك بعض العوامل التي تقف وراء اتساع تلك الظاهرة، من بينها أن غالبية الشركات حققت أرباحا جيدة في العام 2005، فأصبحت مغرية لأصحاب رؤوس الأموال أو الشركات المتخصصة التي تخشى المنافسة، فقررت السيطرة عليها لتعزيز مكانتها.

أما العامل الثاني فهو أن المؤسسات المالية نفسها هي التي تشجع على إتمام تلك الصفقات. فهي من ناحية تقوم بالحصول على عمولات جيدة مقابل خدماتها ومن ناحية أخرى تقوم في بعض الأحيان بالمساهمة في تمويل هذه العمليات كقرض للمشتري أو تقوم بشراء ديون الشركات المباعة لبيعها بسعر أعلى للمشتري.

ومن أكبر عمليات الاندماج والشراء التي تمت في العام 2006 استيلاء الألمانية «ميرك» على «سيرونو» السويسرية الثالثة عالميا في إنتاج أدوية الأعصاب، واستيلاء «ميتال» الهولندية البريطانية على منافستها التقليدي الفرنسية «أرسيلور».

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1737 - الجمعة 08 يونيو 2007م الموافق 22 جمادى الأولى 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً