قبل أيام، قمت - مع صديق لي - بزيارة قصيرة لإحدى دول الخليج، للالتقاء ببعض الأصدقاء الذين توترت علاقاتهم نتيجة اختلاف بشأن بعض الأمور الخاصة بالعائلة، وذلك قبل أربعة أشهر مضت.
وقد حرِصْنَا أثناء الزيارة على لقاء الأطراف المعنية كافة للوقوف على حقيقة المشكلة موضع الخلاف، فوجدْنا أن المشكلة هذه برمتها لا تستحق التوتر وقطع العلاقة بين أفراد هذه العائلة، وخصوصا أن الخصام شمل الأم وابنها والأب وابنه، والحفيد وجده وجدته والأخ وأخيه، وهو يؤسف له شديد الأسف.
لقد أشعَرْنا الكبارَ المتخاصِمين بأنهم القدوة والمثل لمن يصغرونهم سنا في سعة الصدر والحكمة وتصريف الأمور، كما أشَعرْنا الصغارَ بأن من واجبهم التواضع والاحترام لمن هم أكبر سنا، وبذلك تسير السفينة التي تحمل الجميع بطمأنينة وسلام.
في اليوم الثاني للزيارة، اتصلتُ هاتفيا من البحرين بأحد الأطراف قائلا لهم: إنني التقيتُ البارحة بالطرف الآخر ولمست منه الأسف على ما بدر والحرص على التلاقي، إلا أنني أحسست بشيء من الخشونة والصّلابة تجاه الموضوع، كما لمستُ العزوفَ عن الاجتماع بالآخرين، على عكس الطرف الأوّل، غير أن هذا لم يصبني باليأس، بل إن ذلك زادني تصميما على المضي في هذه القضية حتى النهاية، ومنه تعالى أستمد العونَ والتوفيقَ.
إنّ طبائع البشر متفاوتة، فمنهم من تؤثر عليه الكلمة الطيبة فيتناسى أخطاء الطرف الآخر بسهولة، ويبدأ صفحة جديدة مبنية على التسامح، ومنهم من لا تؤثر فيه مئات الكلمات ومئات الاعتذارات، ويبقى على عقليته من دون اكتراث بالمساعي الخيّرة التي يبذلها المخلِصون على وحدة الصف وجمع الكلمة، وهذا ما حدث لإخواننا في الدولة الخليجية، إذ إن المساعي التي بُذلت طيلة يوم كامل لم تؤثر كما ينبغي في تغيير المواقف بالنسبة التي كنا نأملها، ما أصابنا بالإحباط بدرجة كبيرة، ولكن الأمل كبير في التغيير نحو الأفضل، فيما يتعلق بالصلح المرتقب الذي لمسناه من بعض الأطراف.
قد يحدث أن يصبح واسطة الصلح طرفا في القضية وهذا يعقدها ويسفر عن نتائج عكسية، أما إذا وقف هذا الوسيط على الحياد فإن النتائج لابدّ أن تكون إيجابية.
إقرأ أيضا لـ "علي الشرقي"العدد 1736 - الخميس 07 يونيو 2007م الموافق 21 جمادى الأولى 1428هـ