ظاهرة جديدة بدأت تطرأ على شوارع البحرين الجميلة، والأماكن العامة التي لم تحوّل بعد إلى أماكن خاصة أو تباع من تحت الطاولة على متنفّذين، ألا وهي ظاهرة استملاك بعض أصحاب الباصات وسيارات الأجرة وغيرها، لبعض المساحات الضيّقة في بعض الشوارع والفرجان، أو استخدام المساحات الخالية من البناء كمواقف لسياراتهم.
أولا: انتشرت هذه الظاهرة مع السنوات الأخيرة من الألفية الثانية، ومع ازدياد عدد السيارات سواء ثقيلة الحجم أو العادية، ولم نجد لها من يحاول معالجتها أو يقلل من خطر ازديادها، فالتخبّط والغوغائية لدى بعض الناس حوّلت شوارع البحرين إلى شوارع نامية من عهد العالم الثالث، وأفرزت بيئات تكاد تكون في الشكل مقاربة للبيئات الفقيرة جدا بمختلف مناطق العالم.
إذ إننا في السابق كنا نسمع آباءنا وجيراننا عن تأجير قطعة أرض (Yard) من الحكومة، ويتم تحويلها من ملك عام إلى ملك خاص، وبالتالي ينتظم موقع السيارات الثقيلة وسيارات الأجرة وغيرها من جماعات السيارات، بالإضافة إلى إبراز الجانب الحضاري في عملية ضبط موقع السيارات آنذاك.
وثانيا: لا ينتهي الموضوع أو يُحصر في زاوية مشكلة المواقف العامة والأملاك العامة أو الشوارع، حيثُ نجد هذه الأيام موضة «شارع أبوك»، وبخاصة في مجتمعات الأحياء ذات الكثافة السكانية والدخل المحدود، فالشارع يكون ضيّق والناس تريد أن تنهي أعمالها، وأخينا هذا يغلق السير بسبب وقوفه فجأة في الشارع ليشتري من «البرّادة» بطاقة هاتف أو عصير برتقال أو ما شابه ذلك، وعندما تكلّمه يقول لك «شارع أبوك» بدل أن تسأله أنت هذا السؤال العفوي.
وهناك شاكلة من الناس يوقف سياراته عرضا في الشارع ويذهب للخلود إلى النوم، ويتفاجيء الآخرين بأنه لا حول لهم ولا قوة إلا الصبر، ليخرج صاحب السيارة ويزيحها عن مكانها الخطأ الذي عرقل السير بها وآذى فيها الناس بعد حين.
إن مسألة تنظيم المواقف ووقوف السيارات هي مسألة ذوق وجيرة، وحتى لا تضايق جارك لا تكن من ضمن الذين يفعلون هذه الأعمال المسيئة إلى الآخرين، وبالتالي تخلق موجة من الحساسية والنرفزة بينك وبينه.
كيف نتّهم أصحاب النفوذ ونطالبهم بإرجاع الأملاك العامة، في حين أننا كأفراد لا نطبّق ما نقوله ونفعل ما نريد من المتنفذّين ألا يفعلوه، من عملية سطو واضحة وضوح الشمس على الملك العام، ومن ثمَّ تحويله إلى ملك خاص دون وجه حق!
نتمنى أن نتعاون ونتكاتف مع الحكومة ومع الناس، لتعديل بعض القوانين المرتبطة بالأراضي والأملاك العامة، وعدم تحويلها «بالمزاج» من قبل بعض الناس إلى أماكن خاصة، وعدم إسقاط أية عقوبة على من يتهاون في هذا الشأن، حتى لا يقال بعدها الجملة الرائجة في مُعجمنا الشعبي «اللي مو عاجبه خل يشرب من البحر!»، والتي تعطينا الحق في استملاك الملك العام وتحويله إلى ملك خاص.
إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"العدد 2259 - الثلثاء 11 نوفمبر 2008م الموافق 12 ذي القعدة 1429هـ