مسيرة المدرب التشيكي ماتشالا التدريبية في المنطقة حافلة بالإنجازات منذ أن وطأت قدماه الكويت حتى وصوله إلى البحرين.
وكنا نتابعه أولا بأول منذ أن تسلم قياده الفريق الأول بنادي كاظمة الكويتي الذي غيّر الكثير من أسلوبه وجعله منافسا قويا في حصد بطولة الدوري، وزج بالوجوه الشابة التي استطاعت أن تبرز بشكل لافت من خلال طرق اللعب الهجومية حتى كان محل إعجاب المتابعين للدوري هناك.
هذا التطور الكبير الذي كان عليه كاظمة جعل الاتحاد الكويتي يستعين بماتشالا في البطولتين الخليجية والآسيوية مرتين، وقد أحدث نقله نوعية كبيرة في الجانب الفني للمنتخب، وجعله يلعب بأسلوب مختلف تماما عانى منه الأزرق بعد رحيل الكوكبة الذهبية للكرة الكويتية، وبعد وصوله لنهائيات كأس آسيا ونهائيات الدورة الأولمبية في روسيا ونهائيات كأس العالم في إسبانيا، انخفض الأداء الفني بصورة كبيرة وصار كل مدرب يأتي للكويت لا يجد «الخلطه السرية» لإعادة الأزرق إلى مكانه الطبيعي، ومع قدوم هذا المدرب قلب الواقع المرّ الذي عاشته الكويت منذ العام 1982 حتى منتصف التسعينات، وكلنا يتذكر يوم خسر من الإمارات في مباراته الأولى بكأس الخليج، وجاءت المباراة الثانية امام السعودية وإذا به يشرك 8 لاعبين من فريق كاظمة ويستطيع أن يهزم السعودية ويواصل الانتصارات المتتالية حتى استقرت عنده كأس الخليج، وتبعها بأخرى وبقيادة ماتشالا ايضا وعاد إلى الكويت بالبطولة، وكلنا شاهدنا هذا الفريق في البحرين عندما كان قوة كبيرة طحن الفرق بكمية من الأهداف الغزيرة. وجاءت البطولة الآسيوية، وكان في مجموعة قوية وهزم كوريا الجنوبية واليابان بعرضين كبيرين، إذ استطاع أن يزرع الثقة والفوز في نفوس اللاعبين الذين تناغموا مع طرق اللعب التي صار ماتشالا يضعها من بطولة إلى أخرى. واللاعبون أنفسهم يشهدون على الفترة الذهبية التي عاشها هذا المدرب معهم وحقق الكثير من الانجازات.
والغريب هنا، على رغم هذا التطور والنقلة النوعية فإنه تعرض إلى انتقادات الصحافة الكويتية، وقد كنا متابعين لهذا الأمر، ولكن على رغم ذلك كان الدعم من اتحاد الكرة برئاسة أحمد الفهد كبيرا وغير محدود، واستطاع المدرب بهذا التعاون المشهود به أن يكون فريقا ذا سطوة يهابه الآخرون.
في ظل هذه الانجازات، سال لعاب بعض الدول الخليجية ومنها السعودية والامارات وغادر إليها، ولكنه لم يستمر فيها وخصوصا السعودية. وفي الامارات كان العين هناك امام موعد غير مسبوق عندما احرز البطولة الآسيوية بقيادة ماتشالا ليزيد إلى رصيده إنجازا آخر.
وكانت وجهته الاخيرة في عمان، وشاهدناه كيف نقل الفريق من (المشاركة فقط) ليتطور ويحوز الإعجاب بأدائه الفني إلى المنافسة القوية والوصول إلى نهائي كأس خليجي (17) و(18) ويخسر بشرف في الأولى بركلات الترجيح أمام صاحب الأرض قطر والثانية بهدف نظيف من صاحب الأرض الإمارات أيضا.
ولكن النقلة غير الطبيعية للفريق أجبرت الجميع على احترامه بعدما كان بعيدا من المراكز الاولى، وإذا به يفاجئ الجميع بأحقيته الكأس، ولكن الحظ وحده اعاقه عن ذلك لعامين متتاليين. هذه انجازات المدرب ماتشالا يجب ألا نغفلها جميعا لانه كانت هناك أيدٍ محدودة لمساعدته على تحقيق الانجازات ومساندة واضحة له من جميع الاطراف وخصوصا في عمان، وباستثناء الكويت التي عانى فيها من صوت الصحافة المعاند له، ولكن على رغم ذلك ارتفع صوته فيها وحقق الانجازات، ولم يلتفت الكويتيون لذلك إلا بعد أن خسر الأزرق ملامحه وكيانه وكبرياءه فصار من ينتقده يطلبه للعودة من جديد.
ولكي لا نصل إلى هذا الأمر علينا من البداية بمد يدّ العون له ومساعدته وانجاح مهمته؛ لأننا نعتقد أن ماتشالا من المدربين الذين يحتاجون الوقت الكافي لكي يظهر بصماته على الفريق، ويجب ألا نستعجل الأمور فنصدر احكامنا عليه ونقضي على الفرصة التي كنا ننتظرها سنين كثيرة ماضية، حتى جاء اليوم الذي ننشد فيه التطوير، وبطولة آسيا المقبلة تبقى عملية اختبار أولية له وللاعبين الذين عليهم إثبات وجودهم، ومن ثم تبدأ العملية الحقيقية للمدرب بعد نهائيات كأس آسيا في اختياره القائمة بعيدا من العواطف لهذا اللاعب أو ذاك إلا لمن يثبت جدارته ووجوده وهذا ما يسعى له ماتشالا.
ماتشالا يتمتع بشجاعة فنية وقدرة كبيرة على استقطاب اللاعبين من الناحية الفنية عبر تعامله الظريف والفكاهي والجاد في الوقت نفسه، ما يجعل اللاعب مرتاحا نفسيا بعدما يشحنه معنويا فيكون جاهزا لتقبل النواحي الفنية، هذا ما اعطاه ماتشالا نجوم الازرق وشباب عمان حتى أوصلهم إلى المراتب العليا. وعلينا نحن أن نقف مع الرجل لانه مدرب محنك له سمعته التاريخية وإنجازاته وأسلوبه في التعامل مع الجميع بنَفَس مرضٍ.
فلنمد أيدينا إليه ونتركه يعمل بإخلاص وتفانٍ وبعدها نقيم العمل... فنحن متفائلون بهذا المدرب ونأمل أن تكون قراءاتنا له صحيحة ونصل إلى ما كنا ننتظره في سنوات طويلة مضت. وعلى اللاعبين أن يتعاونوا معه ويبعدوا كل ما من شأنه أن يخرب العلاقة ويفسد التوجه إلى الانجاز والانتصارات بإذن الله، وبيدكم يا نجوم الاحمر مع فنيات ماتشالا سنصل إلى ما نصبو إليه.
إقرأ أيضا لـ "هادي الموسوي"العدد 1732 - الأحد 03 يونيو 2007م الموافق 17 جمادى الأولى 1428هـ