العدد 1732 - الأحد 03 يونيو 2007م الموافق 17 جمادى الأولى 1428هـ

دع «البربرة» وتمتّع بالكهرباء!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

للكاتب الأميركي الشهير دايل كارنيجي كتابٌ واسع الانتشار، «دع القلق وابدأ الحياة»، تُرجم إلى أكثر من خمسين لغة في العالم، من بينها العربية، ولاقى إقبالا شديدا من قبل القرّاء.

الكتاب يرشد الناس إلى ما يخفّف عنهم وطأة الحياة المعاصرة القاسية، بتقديم النصائح والإرشادات، ويدعو إلى الإيمان والصلاة والمواساة وتجنّب الأحقاد، وأن تحب لأخيك ما تحب لنفسك، مستهديا بآراء كونفوشيوس وسقراط وأفلاطون وزرادشت والمسيح (ع). فالكتاب هو خلاصة ما اختزنته ثقافات الأمم والشعوب، يقدّمها لمعالجة آفة العصر الكبرى (القلق).

اليوم، ونحن على أبواب الصيف، يجد المواطنون أنفسهم متهمين بأنهم وراء انقطاعات الكهرباء، «بسبب الحمل الزائد على شبكة التوزيع»، على لسان وزير الكهرباء والماء! وبل يبشّرنا ببشارة شر، وهي إن هذه السنة أكثر الأعوام تجاوزا في الإضافات الكهربائية، وهو ما ينذر بصيف أكثر انقطاعا وعرقا وهمّا. وأمام هذه الكارثة المحتومة، لابدّ من التفكير بما يخفّف القلق لنتكيّف مع الانقطاعات القادمة!

النصيحة الذهبية هي: اقتصد في استهلاك الكهرباء، لكي لا تنقطع عنك وعن جيرانك، فإذا كان لديك ثلاثة (ايسيّات)، فاطفئ اثنين وابقِ على مكيّف واحد، (ايسي) واحد في الصالة يكفي في الأوقات العادية، وما زاد عن الواحد فهو طمعٌ وإسراف! ولا تنس أن هذه الطريقة تلم شمل العائلة وتقوّي صلة الرحم!

ثانيا: في وقت الذروة، شغّل (ايسي) واحد لمدة ساعة إلى أن تبرد الحجرة، ثم أطفئه وشغّل الثاني بالتناوب، وهكذا حتى يعمّ البرد والسلام كل أرجاء المنزل. وإذا كنت في شقة صغيرة، فشغّل مكيفا واحدا واترك كل الأبواب مفتوحة؛ ليعم البرد والهناء كل زواياها. ولا تشغّل (الايسي) إلاّ إذا متّ من الحر! وهي طريقةٌ اقتصادية لتقليل فاتورة الكهرباء!

ثالثا: لا تبقى مع العائلة ليلا داخل المنزل أو الشقة؛ لتقتصد في استهلاك الكهرباء. اخرج بالسيارة كلما أمكن، فالصبر على زحمة المرور أهون من الصبر على انقطاع الكهرباء في المنزل. على الأقل (تفتر) في السيارة لاستنشاق الهواء الطلق الذي يعزّز من صحتك ويقوّي الجهاز التنفسي لديك ولدى أفراد عائلتك.

رابعا: عليك التزوّد بالمراوح اليدوية (المهفات) المصنوعة من «الخوص»، فهي أسهل الطرق المتوافرة حاليا كبديل للتيار الكهربائي، وأقلها كلفة، كما أن الإقبال عليها سيسهم في إحياء جانب من التراث وإعادة الاعتبار للمنتجات الوطنية الصديقة للبيئة قبالة غزو الأجهزة الكهربائية المستوردة من الغرب.

خامسا: إذا انقطعت الكهرباء، فاستعن بالله واصبر على ما أصابك، لا تتذمّر، لا تشكو، لا تتأفف، فإن كل ذلك من عمل الشيطان، ومما توحي به أجهزة الاستخبارات الأجنبية لتشويه سمعة البلد، ضمن مخطّط الشرق الأوسط الجديد، الذي يهدف إلى ضعضعة اقتصاد البلد والنيل من مكتسباته. فالحذر من «البربرة» الزائدة أو الشكوى لغير الله، فإن الشكوى لغير الله مذلة! كما أن التذمّر والتعبير عن السخط يضعف مناعة الإنسان ويجعله عرضة لأمراض القلب وتصلب الشرايين ويصيبه بالقلق، الذي ينتهي بالكآبة المزمنة، التي تفضي حتما إلى الانتحار!

سادسا: بالنسبة إلى المستقبل، إذا أردت أن توصل لك مصباحا أو جهازا إضافيا، أو حتى «ايسي جديد»، ففكّر ألف مرة في أضرار هذه الخطوة المتهوّرة على صحتك النفسية والجسدية، وعلى منطقتك وجيرانك، وعلى سلامة البيئة والحزام الأخضر، وعلى الاقتصاد الوطني الذي سيتضرّر من الأحمال الزائدة، وعلى مخططات وزارة الكهرباء التي تتكرّم عليك بإمدادك بالكهرباء في عز الصيف، ولكنها لا تجد منك غير الجحود والنكران.

وأخيرا... من أجل صيفٍ خالٍ من أوجاع الرأس والمعدة والبنكرياس، دعوا عنكم «البربرة» الزائدة، وابدأوا التمتع بإجازاتكم... وكل صيف وأنتم تنتفضون من البرد!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1732 - الأحد 03 يونيو 2007م الموافق 17 جمادى الأولى 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً