يبدو أن التوجه المعلن للحكومة خلال هذه الفترة والخطط المستقبلية التي وضعتها المملكة هي السير نحو السياحة النظيفة أو تلك السياحة التي تتماشى مع المعايير الأخلاقية وتكون سياحة بحق وليست سياحة «مواخير» كما في بعض البلدان.

الحرب قد بدأت ربما من أجل إجبار الجميع على تبني السياحة النظيفة ولو كان على حساب ما يصفه البعض بأنه تهديد للاستثمارات في البلاد، وكانت أولى هذه الخطوات منع المراقص والملاهي والفرق في فنادق دون الأربع نجوم، والسؤال الآن ما إذا كانت الحكومة فعلا تريد أن تؤسس لسياحة حقة في البلاد، فهل توجد خطط فعلا لإقامة مقومات سياحة نظيفة؟ فالبحرين كما هو معروف في العالم أو على الاقل للشعوب التي تعرفها، هي أرخبيل جزر، فهل من المعقول أن العائلة البحرينية لا تجد لها ساحلا بحريا مجهزا بالخدمات والمتطلبات؟! كما ليس من المعقول أن تبحث فنادق لسنوات – كما يقول أحد مديري الفنادق – عن أرض مطلة على البحر لكنها لا تجد هذه الأرض لإقامة فندق محترم. ثم إذا كانت الحكومة ستتعامل مع بعض الفنادق التي تروج لبعض الممارسات اللاأخلاقية فعليها أن تتعامل مع الجميع بسواسية، فهل الدعارة وشرب الخمور والرقص والديسكو في فنادق الثلاث نجوم حلال وفي فنادق الخمس نجوم حلال؟! ثم أن الأمر لا يقتصر على الفنادق، فبعض الشقق تحولت إلى أوكار، وعلى رغم أن وزارة الداخلية تبذل نوعا من الجهود التي قد تكون أقوى وأشد حزما مما قامت به وزارة الإعلام وخصوصا حينما كانت الوزارة تشرف على الرقابة، فإن هذه الرقابة الخجولة لا يمكن لها أن تؤسس لسياحة نظيفة كما نتنمى.

أرجو ألا يكون شعار «نحو سياحة نظيفة» مجرد بوق لإرضاء بعض الفئات وتوظيفها سياسيا. نحن لا نستثمر السياحة بشكل يجعل منها صناعة نظيفة يتشرف الإنسان بالحديث عنها، عدا بعض الأماكن السياحية القليلة واليتمية هنا وهناك. ثم أني أستغرب من بعض المديرين والمسئولين الذين يتهمون البحرينيين بعدم حبهم للعمل أو عدم تقبلهم للعمل في منشآت سياحية، فهذا تهرب من المسئولية وإلقاء الذنب على الغير، فلو كانت هناك سياحة تشرف فلا أعتقد أن بحرينيا يرغب في لقمة عيش حلال سيرفض وظيفة تؤمن له ذلك. قد ننتظر هيئة السياحة المرتقبة التي من المؤمل لها أن تتسلم الشأن السياحي والفندقي في البحرين، لنرى ما ستؤول إليه الأمور، لكن، إذا ظلت سياسة التراخي فيما يتعلق بالسياحة اللانظيفة، فلا هيئة ولا مجلس ولا أي شيء آخر سيعوض ويحل محل الإدراة السياسية وعدم الرضوخ للابتزاز الاقتصادي.