ذكرت هيئة النفط والغاز أن مشروع جسر المحبة بين البحرين وقطر سيفتح آفاقا واسعة للتكامل الاقتصادي في مجال النفط والغاز الطبيعي وتوليد الطاقة الكهربائية إلى جانب الاستفادة من الفرص الاستثمارية المشتركة في مجالات الاستكشاف والتنقيب والإنتاج وتكرير النفط.
فرص الاستثمار المشترك في صناعة التكرير
وقالت الهيئة: «إن مشروع الجسر قد يُساهم بفعالية في تسهيل إنشاء شركات مشتركة متخصصة في تنفيذ المشروعات المستقبلية في مجال تكرير النفط والتي يمكن أن يتم الاتفاق عليها بين الشركات والمؤسسات العامة والخاصة في البلدين».
وأضافت «من المؤمل أن يتم فتح مجال الاستثمار في قطاع التكرير في البلدين للقطاع الخاص للاستثمار في توسعة مصافي النفط القائمة أو إقامة مصافي جديدة بهدف زيادة القيمة المضافة (Value added) بدلا من تصدير النفط الخام، خصوصا في ظل الأسعار الحالية للنفط التي تٌعطي هامشا ربحيا مجديا».
ويتوقع أن يسهم مشروع الجسر في تعزيز العمل المشترك بين البلدين في مجال الأبحاث الخاصة بتكرير النفط ويسهل تبادل الخبرات بين الباحثين والمتخصصين، وتنظيم الدورات والندوات المتخصصة التي تعزز الجهود وتزيد المخرجات العلمية ذات الأثر البالغ على تطوير عمل المصافي وجودة منتجاتها.
كما سيساهم الجسر في تطوير مجالات الاستثمار المشترك بين البلدين في صناعة التكرير بحيث يشمل ذلك التعاون الفني والتقني بين المؤسسات والشركات المعنية في البلدين، ولاسيما الاستثمارات المتعلقة بنقل التقنية المتطورة وتطوير وتحديث مصانع التكرير.
فرص الاستثمار المشترك في الاستكشاف والتنقيب والإنتاج
وتحدثت الهيئة عن فرص الاستثمار المشرك في الاستكشاف والتنقيب والإنتاج إلى جانب تضافر جهود شركات النفط الوطنية في تبادل المعلومات الجيولوجية والجيوفيزيائية المتوفرة لدى قطاعي النفط والغاز في البلدين بغض النظر عن نسبتها (المعلومات) الجغرافية.
ويمكن الاستفادة من الخبرات المتراكمة خصوصا في إدارة مكامن الحقول المكتشفة في البلدين بالإضافة إلى استغلال الدخل الإضافي الناتج عن ارتفاع أسعار النفط في إيجاد أرضية جيدة للاستثمار في استكشاف وتطوير المكامن.
استهلاك المشتقات النفطية في البحرين وقطر
وعن فرص الاستثمار في المشتقات النفطية داخل البلدين، توقعت الهيئة أن يسهم مشروع الجسر في زيادة استهلاك النفط في البلدين، وذلك لما يمكن أن يترتب عليه إنشاء الجسر من ازدياد في الحركة العمرانية في البلدين وبناء وتطوير الكثير من الشوارع الحديثة في المدن والقرى، وكذلك ارتفاع عدد السيارات القادمة عبر الجسر من البلدين وبقية بلدان مجلس التعاون لدول الخليج العربية. الأمر الذي قد ينتج عنه زيادة استهلاك المحروقات وبالتالي زيادة المبيعات المحلية، وخصوصا من البنزين، بنوعيه الممتاز والجيّد، وكذلك الديزل.
وسيعمل مشروع الجسر بشكل واضح على زيادة الأنشطة الاقتصادية في البلدين، ولاسيما قطاع الإنشاء والتعمير وقطاع النقل بما سيؤدي إلى رفع حجم استهلاك الطاقة، إذ من المتوقع زيادة الاستهلاك المحلي في البلدين للمنتجات النفطية، ولاسيما مادة الإسفلت (القار) والمواد الإسفلتية التي تعتمد على (polymers) والمستخدمة في إنشاء وتحسين الطرق، التي سيزداد استهلاكها بشكل ملحوظ خلال إنشاء مشروع الجسر وبعد الانتهاء من المشروع».
الخدمات النفطية وتحفيز النمو الاقتصادي
وتحدثت الهيئة عن دور الخدمات النفطية في تحفيز النمو الاقتصادي في البحرين وقطر، وقالت: «يُشكل مشروع الجسر دافعا قويا لكي تلعب الخدمات النفطية دورا أكبر في تحفيز نمو الاقتصادين البحريني والقطري في السنوات المقبلة، وذلك لأن هذا المشروع سيوفر الفرص للشركات العاملة في مجال الخدمات النفطية في البلدين لتعزيز مجالات التعاون، خصوصا مع توفر البنية التحتية المطلوبة التي ستعمل على خفض كلف النقل بين البلدين». وأشارت إلى أن مشروع الجسر سيسلط الضوء على أهمية العمل نحو اندماج الشركات البحرينية والقطرية ذات النشاطات الخدمية النفطية المتقاربة للاستفادة من مزايا اقتصادات الحجم التي سيتيحها تداخل السوقين. وبينت أن مشروع الجسر سيحفز على تطوير هيكل قطاع خدمات الطاقة في البلدين وتعضيده بإطار قانوني مشترك وملائم يبني علاقات إستراتيجية من خلال إبرام اتفاق ثنائي في مجال النفط بين البلدين بما يشمل الخدمات النفطية، يتبعه تصديقهما على بروتوكول يتضمن سلسلة من الإجراءات تبدأ بدعوة شركات الخدمات البترولية من القطاعين العام والخاص في البلدين للدخول في مناقصات حرة وشفافة تعلن عنها حكومتا البحرين وقطر من حين لآخر. وذكرت أن مشروع الجسر قد يبلور فكرة تأسيس شركة خدمات بترولية بحرينية قطرية قابضة متخصصة في تقديم خدمات الصيانة، مثل صيانة المعدات والمنشآت النفطية، بالإضافة إلى شركات أخرى متفرعة متخصصة في مجال التوزيع ونقل الإمدادات وحزمة أنشطة خدمات الآبار والدراسات التكنولوجية والتدريب والاستشارات ذات الصلة بالصناعة النفطية، وكذلك الأعمال المرتبطة بالجودة والمعاونة الفنية والأمن والسلامة وحماية البيئة وخدمات التموين وخدمات تنظيف المنشآت النفطية ونحوها.
مشروع مدينة الطاقة في قطر
وتحدثت الهيئة عن أهمية الجسر من حيث استفادة من مشروع الطاقة قطر، وقال: «سيفتح مشروع الجسر الباب لشركات النفط والغاز في مملكة البحرين للاستثمار والوصول بسهولة إلى مشروع حيوي في دولة قطر يُعتبر من أبرز المشروعات الاستراتيجية الرائدة في صناعة الطاقة على مستوى المنطقة وهو مشروع «مدينة الطاقة». ومشروع الطاقة قطر سيفتح فرصا استثمارية واعدة أمام قطاعي النفط والغاز في البلدين، خصوصا أنه يشتمل على تقديم خدمات متكاملة تلبي الاحتياجات التجارية، والفنية، والبشرية، والتقنية الخاصة بقطاع النفط والغاز في منطقة الخليج العربي. وستوفر مدينة الطاقة ما هو أكثر من مجرد موقع إقامة لشركات النفط والغاز والخدمات، إذ ستوفر جميع الاحتياجات الذهنية والتجهيزات المتكاملة والمواد اللازمة لصناعة الطاقة إقليميا وعالميا. كما أنها ستحتوي على وسائل التكنولوجيا الحديثة والتمويل، ووسائل الاتصال الحديثة، وتخزين البيانات بالتقنيات الفائقة، ومرافئ داعمة للبنية التحتية، ومراكز تخزين وصيانة متخصصة. وأكدت الهيئة أهمية استثمار إمكانات مدينة الطاقة لإنشاء معهد أو كلية للدراسات النفطية وأبحاث الطاقة كأحد المشروعات الطموحة المشتركة.
التعاون في مجال الغاز الطبيعي
وتطرقت الهيئة إلى دور الجسر في تعزز التعاون في مجال الغاز الطبيعي وكيفية تحقيق الاستفادة القسوة من الغاز عبر الاتجار فيه استيرادا ونقلا وتخزينا. وأشارت إلى أن البحرين بحاجة إلى الغاز القطري وقالت: «ربما يكون الغاز المسال حلا مكلفا قليلا لكن يمكن اللجوء إليه مؤقتا لحين الانتهاء من خط الأنابيب الذي سينقل الغاز القطري إلى البحرين والذي ستكون كلف إنشائه ومصاريفه التشغيلية أقل بكثير من الحل السابق نظرا لقرب المسافة الجغرافية بين البلدين. كما يمكن إشراك القطاع الخاص في البلدين في مشروع الغاز المسال لتأسيس شركة النقل وأيضا تمويل بناء مصنع التسييل على الجانب القطري ووحدات تحويل السائل إلى غاز في الجانب البحريني مما يفتح مجالات الاستثمار أمام القطاع الخاص في البلدين ويحقق تكاملهما الاقتصادي».
التعاون في صناعة البتروكيماويات
وتحدثت الهيئة عن أهمية الغاز القطري في تعزيز التعاون بين البحرين وقطر في صناعة البتروكيماويات التي تتمتع بمزايا نسبية في منطقة الخليج من ناحية السعر والجودة تجعلها تتفوق على مثيلاتها في الدول الصناعية والدول النامية، وبالتالي زيادة القدرة التنافسية للبلدين الذين يسعيان إلى تنويع مصادر دخلهما بدل الاعتماد على مصدر واحد. ويستخدم الغاز لتوفير (أللقيم) الذي يعتبر المادة الخام الأساسية لصناعة البتروكيماويات. وقالت: «يمكن للبلدين البحرين وقطر الاستفادة من الغاز القطري واستخدامه (لقيم) لصناعة البتروكيماويات، وإقامة مصانع مشتركة أو توسعة المصانع القائمة وزيادة طاقتها الإنتاجية إلى جانب التدريب وإنشاء مراكز التدريب المشتركة، وتبادل العمالة والخبرات». ويؤكد اقتصاديون أن الكثير من المستثمرين يريدون ضخ رؤوس أموالهم في صناعة البتروكيماويات بالبحرين نظرا لما توفره من مزايا لهم، لكنهم يجدون عدم توافر الغاز يقف عائقا أمامهم، ما يجعلهم يعيدون التفكير في اختيار مقر المشروع والتأكد من إمدادات الغاز قبل المضي في المشروع. وكان أحد المصارف قد أعلن في وقت سابق عن مشروع بتروكيماويات بكلفة تصل إلى نحو 1،4 مليار دولار في البحرين، إلا أن نقص الغاز أجل المشروع إلى حين وصول الغاز القطري الذي من المتوقع أن يصل في 2010.
التعاون في مجال توليد الطاقة الكهربائية
كما تحدثت الهيئة عن مجال التعاون في تولي الطاقة الكهربائية بين البحرين وقطر، وقالت: «تشكل مساحة دولة قطر الجغرافية الكبيرة مقارنة بمحدودية مساحة البحرين فرصة مناسبة لمواقع محطات إنتاج الكهرباء. وهذا يعني أن توليد الكهرباء في قطر ومن ثم نقلها عن طريق شبكة الربط الكهربائية الخليجية إلى البحرين سيحقق فوائد كثيرة للبلدين من بينها أن قطر ستتمكن من استثمار احتياطياتها من الغاز الطبيعي وتحقيق قيمة مضافة تضخ في الناتج الإجمالي المحلي القطري من خلال بيع هذه الطاقة، كما ستتمكن البحرين من تحقيق التنمية الاقتصادية المنشودة من دون الحاجة إلى ضخ استثمارات كبيرة مبدئية لبناء محطات توليد الطاقة واستيراد الغاز اللازم لتشغيلها، كما يمكن لقطر الاستعانة بالمهندسين البحرينيين والاستفادة من الكفاءات البحرينية في مجال توليد الكهرباء من الغاز».
وتتوقع قطر نموا في الطلب على الكهرباء خلال السنوات الخمس القادمة يعادل 17 في المئة سنويا، بينما تتوقع البحرين نموا يتراوح ما بين 6 في المئة إلى 7 في المئة سنويا، وهذا يعزز ويؤكد حاجة البلدين إلى زيادة الطاقة الإنتاجية للكهرباء من خلال بناء محطات جديدة. ويمكن، في حال التعاون ودمج احتياجاتهما، الاستفادة من اقتصادات الحجم في هذا المجال لخفض كلف بناء المحطات والمصاريف التشغيلية لكلا البلدين، ويمكنهما من مقابلة الزيادة في الطلب علي الكهرباء المتوقعة.
ويمكـن أن يخلــق هذا القطـاع فرصا استثمارية كـبيرة للقطاع الخاص في البلدين لتمويل وبناء محطات توليد الكهرباء بنظام المولدين المستقلين (Independent Power Producers IPP) بحيث تقوم شركة التوليد بشراء الغاز من قطر وتوليد الطاقة على الأراضي القطرية ومن ثم نقلها إلى البحرين، وهو مما يعتبر من المشروعات قليلة المخاطر ذات العائد المجزي والمضمون وبالتالي خلق فرص لمواطني البلدين للاستثمار، كما سيدعم أسواق الأوراق المالية للبلدين في حال أُدرجت هذه المشروعات في البورصتين القطرية البحرينية وبالتالي يؤسس لوجود شركات مساهمة قطرية بحرينية».
العدد 1731 - السبت 02 يونيو 2007م الموافق 16 جمادى الأولى 1428هـ