من الآن وصاعدا... عليك أن تتكيّف مع الانقطاعات المبرمجة والعشوائية للتيار الكهربائي، فأنت المسئول الأول عن انقطاعات الكهرباء!
قبل عامين، وفي خطوة استباقية قبل بداية الموسم، بشّرت الوزارة مواطنيها بأنهم لن يشهدوا أية انقطاعات، ولكن بعد يومين، انقطع التيار عن ثلث مناطق البحرين، ولما انتقدت الصحف تلك التصريحات قيل: «كلام الصحف زبد، وأما ما ينفع الناس سيمكث في الأرض»، وكان علينا أن نفهم أن انقطاع الكهرباء يدخل ضمن «ما ينفع الناس»، بحسب آخر التفاسير العصرية! وهي نظرية سقطت تماما بعد أسبوعين من طرحها في الأسواق، عندما انقطع التيار عن كل المناطق، لأول مرة في تاريخ البحرين!
العام الماضي، عادت الوزارة إلى مخاطبة الناس بتواضع، فافتتحت الموسم بالإعلان عن احتمال انقطاع التيار، لأنه يدخل في باب «القضاء والقدر»، وبالتالي عليكم أن تتحمّلوا لو انقطع التيار كم ساعة في عزّ الظهر، أو في منتصف الليل. والمفروض أن تحمدوا ربكم أصلا، ما تشوفون غيركم في العراق تنقطع عنهم الكهرباء 18 ساعة في اليوم، وما يقولون «أف»! (هالقد) ما عندكم صبر؟ ألا تعرفون أن المؤمن في القرن الحادي والعشرين إذا أحبّه الله أعطاه وزارة تقطع عنه الكهرباء كل يوم يومين؟
أما «فلسفة» هذا الموسم، فقد طرحها وزير الكهرباء والماء عندما أعلن على الملأ أن «90 في المئة من أسباب انقطاع الكهرباء، تعود إلى الحمل الزائد على شبكة التوزيع، وعدم إخطار الوزارة بإضافات كهربائية جديدة يقوم بها الأهالي في منازلهم»!
أخيرا اكتشفنا الخطأ، فهو لا يعود إلى شبكات التوزيع وصيانة محطات الطاقة والتوسع في إنتاجها لتلبي حاجة المستهلكين المتزايدة، وإنما بسبب المواطنين الذين يخرقون القوانين ويضيفون أحمالا إضافية على شبكة الكهرباء! وهؤلاء يحتاجون إلى ملاحقةٍ قضائيةٍ على جنايتهم الكبرى بإضافة (أيسيّات) و(تريكات) جديدة، وخيانتهم للشبكة الوطنية للكهرباء.
هؤلاء المجرمون كان من المفترض بحسب القانون، أن يأخذوا أذنا من الوزارة عند أية إضافات كهربائية «حتى تأخذ الوزارة إجراءاتها»، ولأنهم لم يأخذوا أذنا منها، فإنهم خربطوا حساباتها، ولم تتمكن من «أخذ إجراءاتها» الكفيلة بتدارك الوضع!
ومادام أن «العام الجاري هو أكثر الأعوام تجاوزا في الإضافات الكهربائية»، فابشروا بالانقطاعات! وإلاّ «لو تمت محاسبة المتجاوزين لأصبحت هناك آلاف القضايا بالمحاكم»، فهل أنتم مستعدون للوقوف في المحاكم من أجل انقطاع الكهرباء لمدة ساعتين ثلاث؟
ثم إنكم ما تفهمون؟ شبكات التوزيع تتحمّل جهدا معينا، وهناك خطة وضعها مهندسو التخطيط، ويتم إنشاء شبكة توزيع لكل 20 بيتا، مع ترك 20 في المئة كجانب احتياطي، فـ (ليش) كل واحد منكم يركّب له ثلاثة أو أربعة (أيسيات)؟ (مو بطر هذا)؟ أليس هذا إسرافا وتبذيرا للموارد الطبيعية والإمكانات الوطنية التي يجب أن نحرص جميعا على استمرارها وديمومتها؟ ألا يعتبر ذلك إفسادا في الأرض والله لا يحب الفساد؟ متى راح تعقلون وتصيرون قنوعين؟
يا جماعة... كلها فترة وتعدي، اعتبروها جهادا في سبيل الله! اعتبروها تضحية في سبيل الوطن، ما يصير دائما تفكّرون فيما تأخذونه من الوطن، لازم تفكرون من الآن فصاعدا فيما تعطونه للوطن. عاملوا وطنكم مثلما تعاملون زوجاتكم! وطنك هو زوجتك! لازم تصبر عليها، وتتحمل تقصيرها، وإلاّ ما راح تستمر الحياة! اعقلوا اشوي...
أخيرا يا جماعة الخير... تذكّروا أنها «سحابة صيف»، واتركوا عنكم (البربرة)، وشدّوا حيازيمكم للحر فهذا الصيف قد أقبل ... فاصبروا وصابروا ورابطوا، واتقوا الله لعلكم ترحمون!
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 1731 - السبت 02 يونيو 2007م الموافق 16 جمادى الأولى 1428هـ