غريب أن يستجيب مجلس الأمن الدولي على وجه السرعة لطلب رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة بتبني المحكمة الدولية لمحاكمة قتلة رفيق الحريري بينما يتجاهل طلب الرئيس أميل لحود بأن لا تقر المحكمة إلا بعد توافق جميع الأطراف عليها خصوصا أن هناك أزمتين سياسية وعسكرية أهم من الوصول إلى مَنْ قتل شخصية واحدة قبل أكثر من سنتين ولم يتوصل التحقيق الدولي إلى خيوط الجريمة بعد. وأغرب من ذلك أن تعتمد المحكمة استنادا إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يبيح التدخل الدولي حتى بالوسائل العسكرية وينتهك السيادة الوطنية. لم يمهل مجلس الأمن التوافق الوطني اللبناني على المحكمة سوى عشرة أيام وهي غير كافية في ظل الاستقطاب السياسي والعسكري الحالي. طبعا لا خلاف على مبدأ المحكمة في حد ذاته فحتى سورية أشار التحقيق الدولي إلى أنها تعاونت بصورة مرضية بشأن القضية. ولكن في النهاية القضية تعتبر شأنا داخليا يستطيع القضاء اللبناني أن يفصل فيه. ولكن لم توجه تهم رسمية إلى ضباط الأمن اللبناني الذين تم احتجازهم بعد ارتكاب الجريمة، كما أن تشكيل المحكمة نفسه يحتاج إلى نحو عام كامل وقد طلب المحقق الدولي سيرج براميرتز تمديد مهمته إلى مدة عام آخر. إن مجلس الأمن أصبح اليوم كحصان طروادة تستخدمه القوى العظمى للتدخل في الشئون الداخلية للدول النامية.فكان بإمكانه أن يحل الأزمة السياسية والعسكرية في نهر البارد أولا وبذلك يحقق الوحدة الوطنية اللبنانية ويجنب هذا البلد شبح الحرب الأهلية والإقليمية.
إقرأ أيضا لـ "عزوز مقدم"العدد 1730 - الجمعة 01 يونيو 2007م الموافق 15 جمادى الأولى 1428هـ