العدد 1728 - الأربعاء 30 مايو 2007م الموافق 13 جمادى الأولى 1428هـ

الأوقاف... وضياع فرصة الإصلاح

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

مع التحفّظ على إعادة تعيين ثلث الأعضاء السابقين في مجلس إدارة الأوقاف (الجعفرية)، اعتمادا على ترشيحات المحافظين، فإن الإشكال يتركّز على كون المحافظين غير ذوي اختصاص، فضلا عن آلية الاختيار. فعضوية الأوقاف تحتاج إلى مؤهلات علمية وفقهية وإدارية، وتركها لتقدير المحافظات أمرٌ لا يبدو منطقيا، خصوصا إذا علمنا أن من بين مرشحي المحافظين عضوا بلديا عجز عن أداء مهامه البلدية، بحسب تقييم أبناء منطقته، ومرشحا آخر عليه إشكالاتٌ «شرعية» مع الأوقاف نفسها، ومن الاستهانة بالمسئولية الوطنية والدينية ترشيحه.

من هنا لابد من التشديد على مبدأ اختيار أشخاص ذوي كفاءة ونزاهة، لا تربطهم مصالح وتعاقدات سابقة أو حالية مع الأوقاف، مع الأخذ في الاعتبار احترام اختيارات الناس. وهذا مطلبٌ عقلانيٌ جدا نعتقد أن الحكومة ستراعيه عند اختيار المرشحين للإدارة الجديدة.

الإنصاف أيضا يقتضي نقد أخطائنا كجانبٍ أهلي، بسبب المواقف السلبية الموروثة من العمل في المؤسسات الرسمية، (القضاء والأوقاف) التي تخلق الكثير من السلبيات في المجتمع، وتزيد معاناة الناس، وتفسح الطريق لوصول أشخاص تنقصهم الكفاءة والأهلية. فإذا لم تقدّموا أشخاصا موثوقين، ولم تدعموا وصول أصحاب الدين والكفاءة، فأنتم شركاء في إيصال الهُزّل والمتسلقين. وفي هذه الحال، لن تنجو أي مرجعية دينية من الحساب أو تضمن لنفسها راحة الضمير، ولا يمكن تفسير التهرّب من المسئولية بأنه تكليف شرعي.

إن التردّد و(تقديم رجل وتأخير أخرى)، لن يدفع إلى إنقاذ الأوقاف وإصلاح أوضاعها، كما أن اللوم لا يقع على الجانب الرسمي وحده، فنحن أيضا - أفرادا ومجتمعا وعلماء دين- نتحمل جزءا من المسئولية عن استمرار الوضع الراهن للأوقاف، وسنكون شركاء في استمرار ضياعها، لأن الأوقاف تعم الجميع ولا تقتصر على فئةٍ أو طيفٍ من أطياف المجتمع.

ثم إن الجانب الرسمي لا ينتظر مبادرة أحد، خصوصا إذا كان بطيء الحركة، شكّاكا، متردّدا، والعمل لابد من أشخاصٍ يقومون به. كما انه لن يقبل موقفا حدِيّا يميل إلى فرض نصابٍ محدّد أو رؤى معينة، خصوصا إذا لم تكن هذه الرؤى موضع توافق بين بقية الأطراف في الساحة، دون إقصاء أو استثناء أحد من الشخصيات والتيارات.

إن نشر خبر الترشيحات وإعادة التعيين، أثار الكثير من الشجون لما تضمّنه من معايير مبهمة أو غير مقبولة، واتصل كثيرون للتعبير عن تحفظهم على هذه الطريقة، مطالبين بالرجوع إلى شخصيات المجتمع المستقلة، واستشارة الجهات المعنية، وعلى رأسها المآتم والحسينيات، التي تدفع ضريبة سياسة التعيينات وما تؤدي إليه من سوء إدارة وأخطاء واستمرار التجاوزات. وتذكّروا وجود أكثر من 2000 مأتم مسجل رسميا، لها ارتباط مباشر بهذه المؤسسة التي تتولى إدارة أوقافها، دون الأخذ برأيها أو الرجوع إليها على رغم ما تمثّله من جمهور عريض.

الأوقاف ليست دائرة حكومية صغيرة، وإنما إطارٌ يجمع أكبر المؤسسات الاجتماعية فاعلية وحضورا، ولو احتسبنا روّاد كل مأتم بـ 100 شخص فقط لكنا أمام 200 ألف مواطن، أفلا ينبغي احترام إرادتهم؟ فضلا عما تديره من ممتلكات وعقارات يمكن أن تستثمر في رفع المستوى الثقافي والعلمي والديني للمجتمع، ويهم الرأي العام أن تصلها يد الإصلاح. ولا يشرّف الحكومة أن ترشح أسماء تفتقر إلى الكفاءة والصدقية وقبول الناس، أو تصرف رواتب أشخاص يحسبون عليها وهم لا يحضرون الاجتماعات. نقول ذلك ليس قدحا أو تعريضا بأحد، ولكن رغبة في النهوض بالمؤسسة وإنمائها، ليعود للوقف دوره الكبير في تطوير المجتمع.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1728 - الأربعاء 30 مايو 2007م الموافق 13 جمادى الأولى 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً