ذكر تقرير خبري أن اللجنة الخليجية للاستقدام تدارست في اجتماعها أمس (الأربعاء) القرارات التي صدرت حديثا عن وزارة العمل في الفلبين والتي «تضمنت المبالغة في رفع الرواتب وبعض الإجراءات التي تُعد تدخلا واضحا في شئون دول الخليج لما يشكله كل ذلك من انتهاك لخصوصيات مواطني دول مجلس التعاون، وبناء عليه أقر أعضاء اللجنة بالإجماع مخاطبة الأمانة بدول مجلس التعاون الخليجي من طريق اتحاد غرف مجلس التعاون الخليجي برفع التوصيات والمقترحات إلى الجهات المسئولة لكل دول المجلس بضرورة إيقاف إصدار تأشيرات العمل لاستقدام العمالة الفلبينية بجميع أنواعها حتى حين الاتفاق على إطار ينظم العلاقات بين صاحب العمل وطالب العمل مُوَضحا فيه الرواتب وغيرها من الشروط غير المعتمدة من اللجنة».
اللجنة التي تطمح إلى تمثيل جميع اتحادات وجمعيات مكاتب الاستقدام بدول مجلس التعاون الخليجي ربما تعيش في عالم الأمس، أو أنها تسعى إلى إيقاف عقارب الساعة... فالعمالة الرخيصة المتوافرة حاليا في طريقها إلى الزوال لعدة أسباب. فهناك دول بدأت تستغني، وأخرى تطالب بتطبيق مقاييس منظمة العمل الدولية، وأخرى تطالب بضمان الحقوق المدنية التي نصت عليها اتفاقات الأمم المتحدة بشأن العمال المهاجرين والوافدين... وعليه، فإن ما تقوم به الفلبين لن يكون أمرا استثنائيا، بل إنه سيشمل الوافدين من جنسيات أخرى.
العمالة الرخيصة تأتي أكثرها من شبه القارة الهندية، والهند تُعد قوة عظمى نامية، وهي لن تسكت طويلا عن الوضع المعيشي المتدني لمواطنيها في دولنا. بل إن هناك حديثا مطروحا في الدوائر الهندية أنه يجب أن يصل الهنود إلى كل الحكومات والبرلمان والبلديات في البلدان التي يعيشون فيها، وبالتالي فإن البعض قد يستغرب بعد 5 سنوات (أقل أو أكثر) أن تكون هناك مطالبةٌ رسميةٌ - ربما - بأن يُفسَح المجال للهنود لأن يكونوا أعضاء في البلديات والبرلمانات والوزارات الخليجية، تماما كما هي حال الهنود في بريطانيا الآن، إذ إن منهم أعضاء في البلديات، وأعضاء في البرلمان، ووزراء في الحكومة. وهؤلاء يعتبرون أنهم مواطنون لبلدهم الأصلي والبلد الذي يعيشون فيه، وبالتالي فإنهم يخدمون المصالح المشتركة للبلدين.
العمالة الرخيصة المتوافرة في دول الخليج مرضٌ أصابنا منذ منتصف السبعينات، وهو مرض يمنع انتقالنا إلى المستوى المتحضر الذي تعيشه البلدان الأخرى، إذ لا وجودَ لعمالة رخيصة من الأساس. جميعنا الآن تعود على وجود الخادمة ووجود من يقوم بالأعمال القاسية مقابل معاشات لا يقبل بها حتى المواطن الفقير... ولكن هذا يمثل حالا استثنائية في التاريخ وليس قابلا أن يستمر على المديين المتوسط والبعيد.
إن العمالة الرخيصة زرعت الكثير من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية في أوساطنا، ولدينا الأعداد الكبيرة جدا من الرجال الذين لا يُسمَح لهم بجلب زوجاتهم، ولدينا الأعداد الكبيرة من الخادمات اللاتي لا يُسمَح لهن بوجود أزواجهن، والنتيجة انتشار مظاهر لم تكن تعرفها مجتمعاتنا من قبل. الحكومات ستتدخل الواحدة بعد الأخرى ولن تنفع احتجاجات لجان استقدام العمالة الرخيصة في منع حدوث أمر محتوم.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1728 - الأربعاء 30 مايو 2007م الموافق 13 جمادى الأولى 1428هـ