العدد 1728 - الأربعاء 30 مايو 2007م الموافق 13 جمادى الأولى 1428هـ

ظفار للمؤمنين بالعنف الثوري المنظم

الرفيقة هيني سرور باسم الثورة:

باسم الثورة رفعت الجلسة، والرفاق يتسربون إلى جبال ظفار، كان حلما كبيرا لتغيير العالم، لطرد المستعمر «بره»، والناس الذين أطلقوا على أنفسهم «جيش التحرير الشعبي»، يحلبون الماعز ويزرعون الأرض، يفتحون مدارس للأطفال، والنساء على كتفهن السلاح، وعلى رؤوسهن الماء يجلبنه من مسافات بعيدة، لا لشيء فقط لتغذية الثورة.

الجيوش ترسل لقمع ثورة ظفار، والاستعمار يفتح قواعد جديدة لدعم قواته في الخليج، يفتح قاعدة المحرق لسلاح الجو البريطاني، والجفير للبحرية، وأما منطقة الهملة فهي للمشاة، أرسل البريطانيون طائراتهم من عمان لرجم الثوار، فأسندت للمرتزقة «البلوش» مهام الجيش، وأرسل الشاه جزء من جيشه أيضا، لكن ثورة ظفار ومنذ انطلاقتها العام 65 مازالت حتى العام 71 تفتح المدارس، وتعلم الناس فن الحياة، لكن بتعاليم الثورة، الثورة التي دخلت بعناوين كثيرة، منها تحرير المرأة، وقف القبلية لكن «بالعنف الثوري المنظم»، توحيد صفوف الشعب لمقاتلة الاستعمار وأذنابه، بكل هذا التاريخ، وما يحمله لدى الكثيرين، عرضت جمعية العمل الديمقراطي فيلم اللبنانية هيني سرور، والذي أخرج العام 1974م.

هيني سرور أو الرفيقة هيني كما هو متداول، إحدى المناضلات التي كانت عدسة إيمانها تحمل مشاهد الثورة إلى العالم، كانت من جيل ينتمي لما يسمى بالسينمائيين التغيريين، كان فيلمها «دقت ساعة التحرير» من التسجيلات التي يعرضها الحزب سرا لأعضائه، كان وثيقة تشير إلى نضال الشعوب، وتاريخ «الحزب» و»الأمة» ضد «الانبريالية» العالمية، دخل فيلمها مهرجان كان، وحصد جائزة النقّاد، بين العشرات من الأفلام العالمية.

الفيلم عبارة عن تسجيل للحياة اليومية لنضال الناس، اضطرت هيني لتصوير الفيلم المشي قرابة ثمانمائة متر، في سهول وجبال وعرة، لم يكن الطريق على ظهرها، فأول طريق للمدنيين شقته السواعد السمراء لأبناء الثورة، بعدسة 16 مليمتر، التي كانت هيني الأولى في الدول العربية تقوم بتصوير فيلم بالصوت والصورة بهذه العدسة، وعلى كل ذلك لم ترصد موازنة للفيلم، لدرجة جعلتها تمنتج الفيلم من غير طاولة مونتاج، مما جعل طريقة إنتاجه بدائية كما تصف هيني، لكن ذلك لم يمنعه من أن يكون أحد الأفلام المتسابقة بمهرجان كان.

المشاهد الذي تلقى الفيلم خلال اثنتين وستين دقيقة، سواء في مهرجان كان أو كل أوروبا، أو حتى الدول العربية، خرج ولديه سؤال واحد: من الذي يمكننا التبرع إليه، بالأدوية والأموال لمساعدة المناضلين في ظفار، في حين أن الفيلم لم يكن إلا تسجيلا واقعيا لما يدور في هذه البقعة بين عُمان واليمن، منطقة نائية وقبائلية، لم تدخلها المدنية إلا من خلال الأسلحة المستخدمة، لكن الثورة أو جيش التحرير الشعبي، فتح المدارس، وأوقف الاقتتال بين القبائل، لتكريس القوى ضد المستعمر، في هذا الفيلم تركز هيني على مفهوم تحرير المرأة، فتجد المرأة حاضرة مع الرجل في كل الميادين، فهي رفيقة السلاح والنضال، وهي المعلمة والمساعدة، وهي الجزء الثاني لوجه الثورة.

الفيلم الذي قدم بجودة أقل ما يقال عنها سيئة، أرجع سبب ذلك إلى كون النسخة المقدمة ما هي إلا نسخة تم تناسخها منذ السبعينيات، وكذلك تقنية التصوير التي تنتمي لهذه الفترة، وإن تجاوزت لحظتها الزمانية بقليل على صعيد التقنية، إلا أن ذلك لم يمنع الفخر المطل من عيني هيني أن يكون علامة واضحة، ولم يمنع الحزن أيضا من أن يكون رديفا لهذا الفخر، هذه المخرجة استطاعت أن تمسك لحظة زمنية، كانت فيها الشعوب في العالم منحازة للثورة، وتضع هذه اللحظة في الخلود، هذا الخلود الذي أطلقت عليه هيني أسم «دقت ساعة التحرير»، وهي عبارة اقتبستها هيني من الأناشيد التي يتغنى بها الناس البسطاء في ظفار.

ظفار التي كانت الحلم، وكانت أولى إفرازات الصحوة، والعمل على طرد المستعمر من البلاد العربية «بالعنف الثوري المنظم»، كانت ذاكرة كبيرة تسع أكثر الدول العربية، إذ شارك فيها الكثير من أبناء هذه الدول، سواء من مصر أو اليمن أو عمان أو البحرين أو فلسطين، كانت قاعدة تستقطب الشباب المثقف «الثوري»، والبحرين كان لها نصيبا كبيرا من المتطوعين في ثورة ظفار، عمل أكثر المتطوعين في التعليم والتطبيب والزراعة، فكان عبدالنبي العكري وهو يقدم هيني، يعيد قراءة جزء من ذاكرته، هذه الذاكرة التي لو تمت محاكمتها في بداية السبعينات لكان صاحبها «يلبس البذلة الحمراء»، ليطلق عليه بعد ذلك الشهيد الرفيق، استحضر الفيلم كل صخب هذه الفترة وشعاراتها، لكنه استحضر الحلم الجميل في تغيير العالم.

العدد 1728 - الأربعاء 30 مايو 2007م الموافق 13 جمادى الأولى 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 5:25 ص

      ظفاري

      اتمنا لونشوف الفيلم اكيد له طعم خاص وذكريات خاصه لكل ظفاري اصيل رحم الله شهداءنا الابرار ابطال الثوره الخالده غدا سوف يشرق صبحا جديد باظفار

    • زائر 4 | 4:28 ص

      الوسيم

      لقد فقد اثنين من اخواني في تلك الحرب . الله يرزقهم الشهاده إن شاء الله .

    • زائر 3 | 5:36 م

      ....

      لقدكانت الثورة هدف نبيل لك ظفاري وبل عماني فقدقدموارواحهم لهذا الوطن ومن اجل الحرية والعيش بكرامة اتمنى ان ارى الفلم فقدفقدت اربعة من اخوتي من ع جبال صرفيت في معركة وادي صرفيت ومن قثلهم كانت القوات البرطانبة

    • زائر 2 | 2:54 ص

      الحمد لله

      الثوره كانت تحمل أهداف نبيله.. لتحققها بالدم.. بعضها واقعية وبعضها أحلام وطموحات مراهقين بساريين..
      وقابوس أتى بناقلة نفط ليحقق أهداف الثوره الواقعيه..

    • زائر 1 | 7:22 ص

      المناضلين

      اتمنى اشوف الفيلم . لانني فقد اثنين من اخواني في هذا النضال من اجل طرد المستعمر

اقرأ ايضاً