شكّل قرار الكونغرس الأميركي في ابريل/ نيسان 1898 الذي عهد فيه للرئيس الأميركي ويليام ماكينلي إعلان الحرب ضد «إسبانيا» دفاعا عن حق «كوبا» بالحرية والاستقلال منعطفا رئيسيا في محاولات فهم «الأمبراطورية» الجديدة ذلك أن وتيرة «الإنطواء» للأمبراطورية الأميركية على داخلها كانت مثار جدل واسع لدى العديد ممن حاولوا إستنطاق طموحات هذه الأمبراطورية وفصولها، خاصة المستقبلية منها على التاريخية.
خرج «الأميركيون» من بلادهم ليعرفوا الناس بأنفسهم، وليس مستبعدا البتة أن جل دراساتنا وآراءنا عن الأميركيين بنيت جراء تدخلات الأميركيين العسكرية. وهذا ما أعلنته الولايات المتحدة علانية عقب هزيمة دول المحور 1917، إذ اعتبرت نفسها منذ لك الحين الجهة المعنية بإشاعة الديمقراطية والسلام العالميين، أي أنها ستمثل قوة الضبط الكونية الجديدة خلفا للمملكة المتحدة التي تنازلت تباعا عن هيبتها لصالح الأميركيين، وعلى رغم من أنها - الولايات المتحدة - تعهدت الالتزام بالجانب الأخلاقي في عملية الإشاعة هذه إلا أن التاريخ الأميركي الحديث لا يساعد على تأكيد مثل هذه المزاعم، في مناطق النفط العالمية عامة وفي منطقة الشرق الأوسط خصوصا.
يعود هذا، لتأثر «العقل» السياسي الأميركي بمؤثرين اثنين، أولا: قيم الحرية والاستقلال والقوة. وثانيا: نزوح السيطرة والمنفعة والمصالح من جهة أخرى. هذا التداخل لا زال موضع نقاش أميركي محتدم داخل المنظومة الثقافية هناك فالفرد - الأميركي - ذاته في موضع، وتقابله «المنفعة» والمصلحة الأميركية في موضع آخر، الأكثر من ذلك، أنه موضع «مضاد». وتبقى العبارة الأكثر شهرة وتعبيرا لهذا التضاد في بداية الدستور الأميركي قائمة بذاتها:WE THE PEOPLE ON THE UNITED STATE، إذ ما زال الأميريكيون أنفسهم يتساءلون، لمن الأفضلية؟، هل هي لأميركا «الأرض»؟!، أم لأميركا «الإنسان»؟!. بمعنى، لماذا كتب الأميركيون الأوائل «نحن الأفراد في الولايات المتحدة» ولم يكتبوا عوض ذلك: «نحن الأميركيين في هذه الأرض»!
العدد 1728 - الأربعاء 30 مايو 2007م الموافق 13 جمادى الأولى 1428هـ