في تقرير صدر الشهر الماضي عن مصرف «غولمان ساك» الأميركي، أشار إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي استفادت خلال السنوات الأربع الماضية من ازدياد أسعار النفط بشكل ملحوظ، وأن منطقة الخليج أصبحت من القوى الاقتصادية المتنامية على المستوى العالمي، وأن دول التعاون لديها فرصة لكي تضع خططا تنمومية تمكّنها من اللحاق بمستوى الدول الصناعية الكبرى مع العام 2050. ولكن «البنك» قال إن هذا يبقى حلما، وإن تحقيقه يتطلب ضخ الاستثمارات في الشركات التكنولوجية وفي تطوير الموارد البشرية بالمستوى المطروح في المجتمعات المعرفية المتطورة.
التقرير يشير إلى أن دول الخليج تعاني من اضطراب المنطقة سياسيا، وأن السوق لا تعتمد على مؤسسات هيكلية، وأن الموارد المالية من النفط لم تضخ بصورة فعالة في البرامج التي تتطلبها احتياجات التنمية بعيدة المدى، وأن العلاقات الاقتصادية قائمة على أساس المحسوبية والمنسوبية، وهذا أدى في الماضي إلى ضعف الأداء. كما أن ازدياد الدخل من النفط يتم توجيهه إلى تغذية المزيد من الوظائف والمصروفات الحكومية وهو ما يؤدي إلى هدر الثروات، وأن المتوقع هو أن يستمر استخدام الأموال الفائضة في هذا الاتجاه غير المجدي.
التقرير يشير إلى أن ضخ الأموال الفائضة على البيروقراطية المتجمدة - التي أنشئت أساسا لإرضاء متطلبات المحسوبية والمنسوبية - يعطل التوجه الفعال نحو اقتصاد السوق ونحو تفعيل حكم القانون. وبالنسبة إلى النقطة الأخيرة، فإن بلداننا (والبحرين في مقدمة ذلك) تعاني من العجز في تنفيذ حكم القانون، ولذلك فقد سعت البحرين حديثا إلى إنشاء محاكم تجارية متخصصة لمعالجة جانب من الخلل في هذا المجال.
ولكن، يبقى الواقع يفرض نفسه، ونعلم أن المحاكم تعجز عن معالجة الديون السيئة وتعجز عن إحقاق الحق بالسرعة والفعالية المطلوبة. وتعتمد السوق أساسا على سمعة الشركات والأشخاص في التعامل، والقطاع المصرفي نجح خلال العقود الماضية؛ لأنه محكوم بالبيئة الدولية في عالم المال، وليس بالبيئة المحلية. وقد رأينا كيف أن بنك الإسكان (الذي كان خارج المنظومة الدولية؛ لأنه تابع إلى وزارة) سرب الأموال، وهذه القضية مازالت في المحاكم منذ العام 2002 ولم تتحرك، على رغم أن الشاكي هو وزير الإسكان نفسه، فكيف لو كان الشاكي أقل من وزير؟
التقرير يشير إلى أن لدينا فرصة لكي نلحق بالدول الصناعية الكبرى فيما لو اعتمدنا استراتيجية استثمارية في التقنية العالية (وليس فقط في العقارات) واستثمرنا في تدريب مواردنا البشرية بما يتناسب ومتطلبات الاقتصاد المعرفي... وأملنا في أن نلحظ الفرصة ونستفيد منها بدلا من إضاعتها كما ضاعت فرص من قبل.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1726 - الإثنين 28 مايو 2007م الموافق 11 جمادى الأولى 1428هـ