تباينت التعريفات بشأن مفهوم «الوطن» على اختلاف الأطر والتفريعات، فاللغة تعرف الوطن بأنه منزل الإنسان، وتعريفات أخرى تقول إنه مكان مولد الرجل أو المرأة، وفي بعض المعاجم والموسوعات السياسية يعرف «الوطن» بأنه المكان الذي يشعر الإنسان بانتمائه إليه وارتباطه الشديد به، فإذا ما غادره المرء شعر بأن نقصا يعتريه وأن شيئا من كيانه الروحي قد انفصل عنه.
إلا أن المواطنة التي يدعو لها البعض في البحرين هذه الأيام هي «مواطنة جوازات»، وإن كنا لا نريد أن نعمم، ولكن الجميع يلاحظ الموضوع.
لا أعتقد أن تعريفا واحدا من التعاريف أعلاه قد يطبق على مفهوم «الوطن» المطبق من قبل البعض في البحرين، «المواطنة» ليست جوازا كتبت فيه بعض الكلمات، ولا منزلا يسكن وهو خال من معاني حب الوطن، المواطنة ليست شعارات وكلاما إنشائيا، المواطنة هي ما قد تراه في آلاف البحرينيين اللذين يخرجون صباحا وليلا ليكدوا ويعملوا في مهن قاسية بأجور قليلة لايرجون سوى لقمة العيش والبقاء في وطنهم.
يكثر الجدل في الفترة الأخيرة بشأن فتح مكاتب لتوظيف البحرينيين في دول مجلس التعاون المجاورة ولكن السؤال: هل وصلنا إلى مرحلة نكون فيها مصدرين للعمالة للخارج؟ هل أصبحت البحرين كالهند أو بنغلاديش أو باكستان تحث مواطنيها على مغادرة البلاد والبحث عن فرص للخارج؟، لا اعتقد أننا مضطرون الآن لفعل ذلك، ولا اعتقد أننا نريد الوصول في يوم إلى أن يكون لدينا وزير للمهاجرين أو بالأحرى المُهجرين.
المشروعات الضخمة التي يعلن عنها يوميا، والتي تساهم في كثير منها الحكومة من المفترض أن تشغل المئات وربما الآلاف من المواطنين، ولكن نجد في بعض هذه المشروعات – التي رأيتها شخصيا – تجد حتى رجال الأمن من الأجانب! فيبقي السؤال مفتوحا: هل الحكومة نفذت خياراتها لتمارس سياسية حث الناس على مغادرة الوطن بينما هناك الكثير من الحلول التي يجب العمل عليها بالتعاون مع الجهات الأهلية والشعبية؟
أصعب الأشياء عندما يتخلى الوطن عن مواطن ترعرع في كنفه ويقول له «أن حياتك معي أصبحت صعبة... فاجمع أشياءك وغادر، وهذا طلاق بيني وبينك»!.
إقرأ أيضا لـ "علي الفردان"العدد 1725 - الأحد 27 مايو 2007م الموافق 10 جمادى الأولى 1428هـ