عندما بدأت الحكومة في خصخصة قطاع النقل العام في 2003 كانت قد بدأت بأسلوب خاطئ... فحافلات النقل العام كانت تخسر، ولا يمكن خصخصة قطاع خاسر من دون أن تكون النتيجة التي نعرفها الآن، وهي ان شركة «كارس» الماليزية - الخليجية سينتهي عقدها في سبتمبر/ أيلول المقبل من دون أن توضح الحكومة خطتها الاستراتيجية بشكل مقبول. ثم إن الخصخصة تفترض أيضا أن تكون هناك هيئة مستقلة لتنظيم السوق، وهو أمر لم يحصل عندما تمت خصخصة النقل العام.

إن الحكومة اتبعت النهج الخاطئ مع النقل العام، وهي الآن تتبع أيضا نهجا خاطئا من نوع آخر مع خدمة البريد وهي التي تربح ولكنها لم تحظَ باهتمام فعلي لخصخصتها بأسلوب احترافي، واكتفت الحكومة بترديد تصريحات غامضة بين الفترة والأخرى.

حافلات النقل العام يستخدمها أساسا الآسيويون الفقراء والمواطنون الفقراء جدا، وكانت تذاكرها بأسعار زهيدة، وعندما تمت خصخصتها تم أيضا رفع الأسعار قليلا، وهذا جعلها مكلفة بالنسبة إلى الآسيويين والفقراء... وهو ما يفسر السبب في ازدياد الحافلات المفتوحة التي تنقل الآسيويين بشكل تنعدم فيه السلامة. فمنظر الآسيويين الذين يملأون الحافلات المكشوف ، أو المغطى جانب منها، يعتبر مقززا؛ لأنه منظر ينقل المرء إلى غابات إفريقيا والأمازون المعدمة.

خدمة النقل العام بحاجة إلى تطوير بحيث يرغب المواطن في استخدامها، وهذا يتطلب شبكة أفضل، تنقل الناس بين المناطق الآهلة بالسكان والمملوءة بالمتسوقين... فحاليا لا ترى حافلات صغيرة أو كبيرة عامة تنقل الناس إلى مجمعي السيف والعالي، ولا تجد مواقف تتناسب مع بلد لديه موارد حسنة ويعيش في القرن الحادي والعشرين، ولا تجد تشجيعا أو تثقيفا باتجاه استخدام خدمة النقل العام.

حاليا، إن الاتجاه الاجتماعي هو تكديس السيارات أمام المنازل، وكثير من المنازل لديها سيارات بعدد الأشخاص الذين يحملون رخصة قيادة، والمسافة التي تتطلب فترة وجيزة مشيا على الأقدام يتم قطعها عبر استخدام السيارة. ربما ان هذه المشكلة اجتماعية، ولكن الحكومة مسئولة عن ترشيد العادات والسلوك عبر توفير البدائل المرغوبة.

كان يجب على الحكومة أن تعي أن الخسائر التي كانت تتكبدها خدمة النقل العام ليست هي الحافز الأكبر للخصخصة، وكان يجب أن تنشأ هيئة مستقلة لتنظيم السوق، وعليها الآن أن تتبع الأساليب المعترف بها دوليا قبل أن تطرح قطاعا للخصخصة... كما ان على الحكومة أن تشرح السبب في التأخر في خصخصة البريد الذي يحقق الأرباح، وعليها أن توضّح الطريقة التي ستخصخص فيها هذا القطاع، وعليها أن تتعلم من تجربة خصخصة النقل العام غير الناجحة.