في الماضي كانت حوادث الاعتداءات وجرائم النهب والسرقة والقتل محدودة النتائج والنطاق إلا انه ومنذ ظهور الجيوش النظامية أخذت تلك الجرائم منحى آخر اكبر حجما وأفظع بشاعة ووحشية. وخصوصا عندما استولت مافيا المصالح المتبادلة على مراكز القرار والتنفيذ وضمنت عدم المساءلة الدولية.
إن كل متأمل أو باحث لو غاص في أعماق التاريخ بحثا عن مصادر المآسي الجماعية التي عانى ويعاني منها البشر لوجد أن أسبابها وبواعثها وتطوراتها البشعة ارتبطت ارتباطا وثيقا بظهور وتطور الجيوش النظامية، خصوصا الاستعمارية منها وقواعدها السرطانية التي تصيب أجسام الدول من خلال سفاراتها التي تمهد البيئة الصالحة لوجودها ونموها عن طريق صناع الكذب وسفرائها الذين يختلقون المحن والفتن أينما حلوا ويشقون الصف إلى شيع وأحزاب أينما وجدوا ثم يشعلون نار الغضب ويفتعلون الصراع الطائفي الذي بالتالي يؤدي في غياب عقلاء الأمة إلى فلتان الأمور إلى منحنى غير محمود النتائج اقلها شجار وعراك وأقصاها قتل وإراقة دماء مستمر، كما هو حاصل في الصومال وجنوب السودان وأفغانستان والعراق.
دول العالم كفنزويلا والهند والصين بعدما اكتشفت اللعبة الدنيئة للصهيونية العالمية التي هدفها السيطرة على ثروات العالم البشرية والطبيعية نأت بنفسها بعيدا عن تلك الأورام السرطانية فتعاملت معها بقفازات سياسية صحية منحتها الحصانة من الإصابة بجراثيمها القاتلة لذلك نمت إلى مستوى دول العالم المتحضر والقوي اقتصاديا ومعرفيا في مجالات التكنولوجيا والصناعية العسكرية فأصبحت ذات كرامة وعصية على أمراض الخنوع العصرية.
البلدان الإسلامية والعربية منها بذات، مع الأسف الشديد، انطبق عليها المثل الشعبي «عدله للناس خرقه لنفسها» فعلى رغم انه لديها شتى أنواع الثروات ومقومات الحياة السعيدة من كثاقة بشرية وثروات طبيعية فإن ثراءها الهائل بدل الاتجاه إلى النما في كل أنماط الحياة من زراعة وصناعة ذات مردودات عاليه على الوضع الاجتماعي والاقتصادي والصناعي ظل طريقه السديد إلى طريق الجمود حيث إن هذه الأمة اختزلت كل مكوناتها الفكرية والإبداعية والثقافية في بنايات إسمنتية تتسابق في علوها والسبب انها آثرت الاسترخاء وإيكال المهمة إلى الدول الأخرى لتقودها خارج نطاق التنمية الاجتماعية والفكرية والصناعة فلذا آل حالها إلى أمه ضعيفة مفككة ليس لها حول ولا قوة ومحظور على إرادتها التنموية.
فغدا لو تعطل الشحن البحري والجوي لأي سبب سوف لن يكون البترول بديلا للماء لنا من شدة العطش ولن نصمد أمام الجوع القاتل مهما امتلكنا من عمارات لا تحميها زراعة أو صناعة.
إقرأ أيضا لـ "علي محمد جبر المسلم"العدد 1723 - الجمعة 25 مايو 2007م الموافق 08 جمادى الأولى 1428هـ