على رغم أن هناك أزمة حقيقية للطاقة، فإن قسما من المحللين متفائلون ومقتنعون أن اقتصاد الولايات المتحدة الأميركية سيشهد نموا. ويقولون إنه على رغم ارتفاع أسعار النفط فإن هذه الأسعار لم تصل إلى الحد اللامعقول كما حدث في مطلع الثمانينات خلال الأشهر الأولى من الحرب العراقية الإيرانية حينما وصل سعر البرميل الواحد إلى أكثر من ثمانين دولارا. كل ذلك بالإضافة إلى قدرة الولايات المتحدة على إقناع دول حليفة لها بزيادة إنتاجها من صادراتها النفطية. وإنهم - أي المحللين - على ثقة باستجابة الدول المنتجة للنفط لطلب الولايات المتحدة برفع إنتاجها؛ ما سيؤدي إلى انخفاض أسعار النفط.
ويعتقد الكثير منا أن أسعار النفط لم تعرف أي ارتفاع قبل السبعينات من القرن الماضي، وأنها كانت انعكاسا مباشرا للصراعات المحتدمة حينها على الصعيد العالمي عموما وفي منطقة الشرق الأوسط خصوصا.
في حقيقة الأمر، تعود العلاقة بين النفط وساحة الصراعات العالمية والإقليمية إلى العام 1914 وهو العام ذاته الذي عرف سقوط شركة ستاندرد أويل، التي كانت في وقتها تعد من أكبر الشركات المنتجة للنفط في العالم. ومع انتهاء الحرب العالمية الأولى وبعد أن سجلت أسعار النفط مستوياتٍ تصل إلى 100 دولار للبرميل تنامت الحاجة إلى تأمين مصادر الطاقة للعمليات العسكرية والإنتاج الصناعي وأصبح النفط أحدَ أهم الأهداف العسكرية وأحدَ المعايير الرئيسية في رسم الخرائط السياسية والاقتصادية.
وباستثناء فترة الصدمة النفطية الثانية، نجد أن أسعار النفط منذ الحرب العالمية الثانية حتى العام 1999 لم يتجاوز سعر برميل النفط فيها سقف 15 دولارا للبرميل إلا في 50 مرة فقط ولفترات زمنية قصيرة جدا على رغم حال عدم الاستقرار والتوترات التي مرت فيها مناطق إنتاج النفط طيلة هذه الفترة الزمنية.
وعند مراجعة مراحل تطور أسعار النفط للفترة من 1948 إلى 1973 نجدها تراوحت بين 2 إلى 3 دولارات للبرميل فقط، وإذا عالجناها بمعامل التضخم فإن أسعار النفط في العام 1973 يجب ألا تقل عن قيمة 16 دولارا للبرميل وليس 3 دولارات للبرميل. أي أنها طيلة عقدين من الزمن ظلت متراجعة في أسعارها. ولم تبدأ الأسعار بالتغير إلا مع بداية حرب أكتوبر، اذ قفز سعر البرميل إلى 400 في المئة أي من دولارين للبرميل إلى 7 دولارات نتيجة استخدام النفط سلاحا اقتصاديا، وهو ما يسمى «الصدمة النفطية الأولى» وما إن استقرت الأوضاع حتى تراجع سعر النفط إلى 5 دولارات للبرميل.
ومع قيام الثورة الإيرانية نتج عجز في الإنتاج العالمي بمقدار 2.5 مليون برميل يوميا فارتفعت الأسعار إلى مستويات تجاوزت 20 دولارا للبرميل وتعززت في تصاعدها مع اندلاع الحرب العراقية الإيرانية في العام 1980 حتى ارتفعت الأسعار إلى 35 دولارا للبرميل ثم تراجعت بعدها إلى مستوى 6 دولارات للبرميل وظلت تتراوح بين ذلك و10 دولارات للبرميل إلى العام 1987 ومع انتهاء حرب الخليج الأولى - أي الحرب العراقية الإيرانية - استقرت الأسعار عند مستوى 16 دولارا للبرميل وبعد اشتعال حرب الخليج الثانية ارتفعت عند مستوى 24 دولارا ثم تراجعت بمجرد تحرير الكويت واستقرت عند مستوى 13 إلى 15 دولارا للبرميل وهذه هي أدنى قيمة لأسعار النفط سجلت في التاريخ إذا أخذنا معامل التضخم في الحسبان فإنها في هذه القيمة هي في حدود دولار للبرميل.
وكما نعلم بعد العام 1999 بدأت أسعار النفط ترتفع نتيجة أسباب اقتصادية وجيوسياسية وفنية وبيئية حتى وصلت إلى مستوى 70 دولارا للبرميل في نهاية الصيف الماضي حتى وهي بهذا المستوى لم تصل إلى المستوى القياسي الذي وصلت إليه من العام 1980 إذا طبقنا معامل التضخم.
ويتوقع أن تبقى حصة منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) من إنتاج النفط العالمي مستقرة عند 42 في المئة حتى العام 2010، على ان ترتفع بعدها بإيقاع بطيء إلى 45 في المئة في 2020، و48 في المئة في العام 2030.
وتوقعت إدارة معلومات الطاقة أن تحافظ السعودية على طاقة إنتاجية فائضة بواقع مليون الى مليوني برميل يوميا في المستقبل، كما توقعت نمو إنتاج السعودية من ما دون 9 ملايين برميل يوميا هذا العام الى نحو 4.9 ملايين برميل يوميا في 2015 على أن يصل إلى نحو 4.16 ملايين برميل يوميا في العام 2030.
ومع الازدياد المطرد في الطلب العالمي على النفط، وازدياد شحة إمداداته، بالإضافة إلى تركز قدرته الإنتاجية في عدد محدود من الدول، فإن تلك المجموعة من الدول المصدرة للنفط سيقع على كاهلها القدر الأكبر من المسئولية في توسيع الطاقة الإنتاجية للنفط، وكذلك الاحتفاظ بقدر كافٍ من الطاقة الاحتياطية مع تحمّل عبء تمويله؛ لمواجهة الظروف الطارئة خدمة لمستهلكي النفط، وهو ما يتطلب تحمّل هؤلاء إلى جانب تلك الأعباء.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1723 - الجمعة 25 مايو 2007م الموافق 08 جمادى الأولى 1428هـ
ا
موضوع جميل شكرا على المعلومات