بينما أنا في وسط سير وزحام خانق... وجدتني أسير خلف سرب من الناقلات الحربية من مدافع ثقيلة وعتاد حربي لا أكاد أميزها من ضخامتها وخصوصا أني في الليلة السابقة شاهدت برنامجا سياسيا لحمدي قنديل «قلم رصاص» وهو يتحاور مع سياسيين عن الحرب القادمة على إيران... وقد أصر الجميع على أن الضربة قادمة مهما كانت المحاولات في تخفيفها أو أن أميركا تحشد كل ما تستطيعه في الخليج إضافة إلى تأخير خروجها من العراق كي تستعين بالجيوش والعتاد من الجارة العزيزة لضرب جيرانها!
وهي مُصِرَّة على نهب الثروات وإشغالنا دائما بالإصلاح والترميم بدلا من البناء والتقدم... إنها على رغم خسائرها البشرية الرهيبة... فهي مازالت متمسكة باحتلال المنطقة؛ للغنائم الضخمة من استنزاف النفط والتحكم في تحريك البشر والزعماء كما يحلو لها (كقطع الشطرنج)! وأميركا تفوقت بمراحل عدة بهمجيتها وحقارتها في الاحتلال بما لم يشهد له التاريخ البشري مثيلا أبدا!
ومازال حكامنا ساكتين صامتين... ويحابون الدولة الهمجية العظمى كي تخرج من العراق... وألا تضرب إيران... على رغم أن بعض الدول الخليجية قد تؤيد الضربة وتمسك العصابة من المنتصف لأسباب معروفة!
إن البركان قادم أكيد ونحن نرى النار والدمار والموت تزحف باتجاهنا وباتت أجهزتنا الآدمية قلقة ومختلة من كُثر تعرضها مرارا للغدر والخطف والإساءة دونما ذنب اقترفناه! هي باتت تقتل الحياة الحلوة فينا وتجعل في ألسنتنا مرارة كمن تناول العلقم في ذهنه وشعر بنشافة ومرارة اللسان... بعدها نشفت الدماء في عروقنا وتجلدت بل وتبلدت الأحاسيس لدى البشر... غير مدركي ماذا يدور حولهم وباتت لهم الرؤية أن الحياة ليست الا خبايا من المؤتمرات المتتالية... بحيث لم يعد هنالك جدوى من الكلام الذي بات يتحول إلى هواء طائر في فضاء لا يرحم!
نعم، نحن لدينا برلمانات ومجالس شورى وندعي الديمقراطية ولكن الكلام لا قيمة له وإن الحكام والزعماء هم من يقررون ويحكمون الشعوب بالحديد والنار... وبتخديرهم بالكلام المعسول أيضا والمشروعات الهوائية والآمال الكاذبة... فيصبح حينها الاحتجاج والغضب خلال الوسائل الإعلامية كلها تنفيسَ وتفريجَ همٍّ ليس إلا! وأن طريقنا مسدود كما يقول عبدالحليم حافظ.
وما يشعرنا قليلا بالانتماء إلى العالم انه إبان زحف أميركا لضرب العراق خرج الملايين إلى الشوارع في الغرب وأميركا والشرق وفي دول تدعي فعلا الديمقراطية احتجاجا... ولكنهم لم يتوقفوا عن الضربة وكان ما يريده الرئيس! أين إذا هي ديمقراطية العالم؟ إننا نعيش في عالم ظالم ومغلف بالكذب والسلطة القاهرة! لقد نشفت أقلامنا وتعبت قلوبنا ونحن نحاول أن نحلل ونكتب ونتساءل: لماذا نحن... العرب والمسلمون؟ لماذا هم يتقدمون ويصعدون في سلم التاريخ ونحن نغتال حضارتنا نهبا وسلبا؟ هل جاء دورنا كي نتفتت؟ كم بقي لنا من الزمن للانقراض؟ كم ستجلبه علينا الضربة الإيرانية من الدمار ونشر الغبار النووي والحرارة الكونية وقتل الأبرياء وتشويه المنطقة؟ وكم سيبقى الزعماء خاضعين؟
إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"العدد 1721 - الأربعاء 23 مايو 2007م الموافق 06 جمادى الأولى 1428هـ