ما يجري في هذه القرية الوادعة لا يسر العدو قبل الصديق، فاللصوص الذين رأوا في أهاليها هدفا سهلا لم يبقوا على أرضها من باقية! لم تسلم «الصفاري» ولا حتى «القواطي» بل وطالت أياديهم «سياكل» الآسيويين وصحون المنازل!
غريب أمر هؤلاء اللصوص، ماذا سيفعلون بـ «الصفاري» وصحون الأوادم يا ترى؟ في السابق كان «الحرامية» يستهدفون الحاجيات الثمينة، وإذا لم يجدوها فلا مانع من الخروج من المنال بتلفاز أو كاميرا، فعصفور في اليد خير من لا شيء... أما اليوم فلدينا عقلية جديدة، ولكي نكون واقعيين ودقيقين فإن هذه العقلية محصورة في بيوت عذاري، فلم نسمع من آبائنا الأولين عن «حرامية ملوصين» لهذه الدرجة، ولم نسمع بعقلية «لا تبقي ولا تذر» إلا في قرية عذاري. ولعل مشهد وتوقيت السرقات لا يخلو من الغرابة أيضا، فبينما كان آسيوي يدخل برادة لشراء بعض الأغراض، خرج ولم يجد دراجته الهوائية، استدار وركض وهم بالبكاء، بل وأجهش به، إلا أن ذلك لم يرجع إليه «السيكل»، ويخشى الأهالي أن يقدم هذا الآسيوي على الانتحار بعد سرقة أعز ممتلكاته على الإطلاق.
المشهد الآخر كان من نصيب أحد أبناء القرية، فبعد أن رجع من يوم مضن أمضاه من الصباح حتى قبيل المساء يجمع فيه «القواطي» من هنا وهناك، رجع إلى المنزل ووضع «الخيشة» على الباب ودخل ليجلب مفتاح «البيك أب» ليذهب بغلة يومه ويبيع المقسوم، إلا أنه احتاج إلى دقائق ليستوعب عدم رؤيته لـ «خيشة القواطي» عند باب منزله! «كيبات» السيارات قصة أخرى، وقائمة المسروقات تطول وستطول إذا ما استمرت عصابة «الملاوصية» في تنفيذ مخططها، فهي لا تتورع عن أي شيء، وتسرق أي شيء في أي وقت، فلم تسلم المساجد ولا المآتم ولا البيوت ولا السيارات ولا المزارع.
أسباب هذه المشكلة التي بدأت تتفاقم في البحرين لا تحتاج إلى تحليل و»تفلسف»، فإما أن يكون هذا التعيس الذي يهوى هذه المهنة عاطلا عن العمل وسأم من الحياة ومل من الأعمال التي لا تشبع ولا تغني، وإما أن يكون يائسا تعب من الديون التي أرهقته (...) ربما تكون هذه النظرية محصورة في بعض الأفراد لأنها لو صحت 100 في المئة، فسييأس أكثر من نصف شعب البحرين من حياتهم!
مساكين هم أهل القرى المنسية، مساكين هم البحرينيون، خدمات متدنية، رواتب مأسوية، وديون لا تنتهي. واليوم، أصبحوا هم وأغراض منازلهم مستهدفين من لصوص ربما سئموا من الحياة المضنية. نسأل الله ألا نصل إلى مرحلة اليأس، ولو أنها ليست ببعيدة عنا كثيرا، لن نيأس من روح الله ،لأن شعب البحرين شعب ملتزم، ولكننا ربما نيأس من العيش في وادٍ مظلم لا نرى فيه إلا فتات ورفات!
إقرأ أيضا لـ "عبدالله الملا"العدد 1720 - الثلثاء 22 مايو 2007م الموافق 05 جمادى الأولى 1428هـ