سواء أكانت حركة «حق» ذراعا للوفاق أم على النقيض من ذلك، تبقى شريحة عريضة من المراقبين/ المشتغلين/ المتابعين للعملية السياسية في البحرين مقتنعة تمام الاقتناع أن «حق» و»الوفاق» هما جسم واحد، وأن كلاهما ينسق أعماله مع الآخر.
وسواء أكان هذا الاقتناع «حقيقة» ويستند على وقائع ملموسة بدلالة شفاعة «الوفاق» للناشط السياسي حسن مشيمع والناشط الحقوقي عبدالهادي الخواجة لدى الديوان الملكي، أو كان ذلك الاقتناع «باطلا» لاستناده على وقائع أخرى، هي أيضا ملموسة كرفض مناصري «حق» الانصياع لتوجيهات كاريزمات «دينية» كانت قد تعودت فيما مضى الإنصات لها والالتزام ببرنامجها، تبقى المساحة الفاصلة بين حقيقية هذا الاقتناع وبطلانيته مرتهنة بيد «السلطة».
لا يمكن للسلطة أن تطلب من الوفاق إعلان براءتها المطلقة مما يجري بإسم «حق» - التي ترفض الإعلان عن مسئوليتها تجاهه - ما بقت السلطة مصرة على اعتماد سياستها العقيمة في المجلس النيابي وفق معادلة 23 مقابل 17. وكذلك ما بقت واهمة بأن «العنف» و»الاعتقالات» سيكونان الحل المجدي والسليم والنهائي في تهدئة الأزمة السياسية التي تمتد لشارع «البديع» بين ليلة وأخرى.
الوفاق على صعيد آخر، محاصرة بمطالبات شعبية على تحقيق «إنجازما» يشفع لها تبرير الدخول في العملية السياسية والمراهنة على تفكيكها لثيمات مصغرة، وما بقت السلطة متحفزة نحو إسقاط مقترحات/ مشروعات/ قوانين/ رغبات/ استجوابات النواب الوفاقيين في كل مرة، وبالمعادلة نفسها، فإن الأمور لن تنتهي على خير، اليوم أو غدا.
على السلطة أن تستثمر - ولو للمرة الوحيدة - هذه الفرصة في الانتقال بالعملية السياسية لأجواء صحية، وعليها أن تكف يد «البعض» عن التدخل في المجلس النيابي وفي تجيير العملية السياسية فيه لأهدافها الخاصة. وفي حال قامت السلطة بهذه الخطوة التصحيحية فإنها ستكون أقرب إلى الاستناد لبيئة سياسية متوازنة وطبيعية ولن يكون لـ «حق» حينها أي وزن يذكر.
ليس ثمة حاجة لـ «تفعيل قانون الإرهاب» فهذا الكلام - غير المسئول - هو مدعاة لفتنة كبرى وعلى العقلاء أن لا يلتفتوا لمثل هذا «الهراء»، وليس ثمة حاجة للشك في العلاقة بين «حق» و «الوفاق» فالتنظيمان خرجا من «بيئة» سياسية واحدة. الذي نحتاجه، هو أن تعرف السلطة أن «الغالبية» في المعارضة هي اليوم داخل المجلس النيابي لكنها «مكبلة» بأيد تمتد من مواقعها الكبرى لتخرب كل شيء، وعلى «السلطة» أن تسعى لفك القيد أو سيكون عليها أن تقطع على المعارضة أخر خيوط «الثقة» بأن ثمة ما يمكنها المراهنة عليه داخل العملية السياسية أصلا.
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 1720 - الثلثاء 22 مايو 2007م الموافق 05 جمادى الأولى 1428هـ