لقد تكلم الكثير منا، جهاتٍ أهلية ورسمية، عن حقوق الإنسان... ولكن يبقى كثيرٌ من هذا الكلام بعيدا عن التفعيل، ويتم ترديده بهدف الاستهلاك المحلي أو الدولي. في عهد أمن الدولة، كان المواطن يُعتَقَل لو تحدث أو كتب عن حقوق الإنسان، أما الآن فالجميع يتغنى بالحقوق، ولكن أين نحن من تفعيل هذه الحقوق؟
إننا بحاجة الى إدخال جميع مفاهيم ومتطلبات حقوق الإنسان في المناهج الدراسية، تماما كما أدخلنا اللغة الإنجليزية منذ السنة الأولى الابتدائية. فالمناهج الدراسية المتطورة هي التي تحتوي على موادَّ يحتاج إليها الإنسان كي يقف على رجليه لاحقا (مثل اللغة العربية، اللغة الإنجليزية، الرياضيات وأساليب الإدارة الموجهة إلى تطوير الذات... إلخ)، ولكننا أيضا بحاجة إلى أن يتخرَّج المواطن وهو يعرف حقوقه وواجباته، وتكون هذه الحقوق بحسب المنظومة الدولية التي طوّرتها الإنسانية.
إن منظومة حقوق الإنسان تطورت كثيرا، وأصبحت الآن أجيالا من الحقوق، وبحسب الباحث عبدالحسين شعبان، فإن هناك أربعة أجيال من حقوق الإنسان. الجيل الأول يتعلق بالحقوق المدنية والسياسية، وهي التي يتضمّنها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والذي اعتمدته البحرين في الفترة الأخيرة. وهناك الجيل الثاني الذي يتحدث عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وهي التي يتضمّنها العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والبحرين أيضا اعتمدت هذا العهد. وهناك جيل ثالث يتعلّق بعدة حقوق مترابطة، مثل الحق في التنمية، الحق في العيش في بيئة نظيفة، الحق في الموئل (السكن الملائم والمتوائم مع البيئة المحيطة)، والحق في تطوير واستخدام البحوث العلمية، وغيرها من الحقوق التي تتصل بموضوعات لها علاقة بخدمة الإنسانية بعيدا عن الجشع والطمع. وهناك الجيل الرابع من الحقوق، وهو الحق في السعي إلى، والعيش في نظام ديمقراطي.
منظومة حقوق الإنسان تبدأ بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان وتتمدد إلى العهدين، وثم الاتفاقات المتفرعة من العهدين، مثل مكافحة التمييز ومناهضة التعذيب وحقوق الطفل والمرأة... وتتوسع إلى الحقوق الأخرى التي انغرست في الضمير الإنساني وتم تأطير عدد منها في اتفاقات دولية. هذه المنظومة الحقوقية تحتاج إلى أكثر من الكلام كي تجد طريقها إلى التفعيل على أرض الواقع. فأكثرية الدول تتغنى بأنها تعترف بهذه الحقوق، ولكن الملتزمين بمتطلبات هذه الحقوق أقلُّ بكثير من المغنّين بعباراتها. إن ما نحتاج إليه هو البدء بتدخيل هذه الحقوق في مناهج التربية بحيث يتم تدريسها في كل السنوات والمراحل، ومن خلال ذلك نؤسس لبيئة حميمية لتفعيل حقوقنا الإنسانية.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1720 - الثلثاء 22 مايو 2007م الموافق 05 جمادى الأولى 1428هـ