العدد 1719 - الإثنين 21 مايو 2007م الموافق 04 جمادى الأولى 1428هـ

مقصلة «التربية»

عبير إبراهيم abeer.ahmed [at] alwasatnews.com

«مليون و300 ألف دينار لزيادة مخصصات المبتعثين»... عنوان عريض تصدر الصحف المحلية بالأمس... عنوان أظنه أثلج صدور أولئك المعنيين بتلك الزيادة، الذين لطالما شكوا وأولياء أمورهم ضعف المخصص مقارنة بمستوى المعيشة في البلدان التي ابتعثوا للدراسة فيها. إذا «زيادة المخصص» مشكلة وحلت، ولكن المشكلة الأساسية التي دخلت أروقة المحاكم الآن، والخاصة بالمبتعثين أيضا، متى ستحل؟!

موافقة مجلس الوزراء على زيادة المخصصات المالية للطلبة البحرينيين الدارسين في الداخل والخارج، لدليل واضح على تشجيع الدولة للعلم والتعليم، والسعي لتعبيد الطرق وإزالة العراقيل التي من الممكن أن تحد بين الطلبة ومواصلة نهلهم من العلم، ولكن في الجانب الآخر، وما إذا واصل «صرح التعليم» المتمثل في وزارة التربية والتعليم بجرجرة «طالبي العلم» - الذين لم يحصلوا على البعثة إلا مكافأة لجهدهم وتفوقهم الدراسي- في المحاكم، فإن ذلك ليحط من قدر التعليم، ويضعنا في خانة «التخلف» من جديد!

ما ذنب أولئك إذا كانت البعثات بمختلف توجهاتها وتخصصاتها محصور صدورها في وزارة لا تحتكم على وظائف تناسب توجه البعثة نفسه؟! هل تقصد «التربية» الإيعاز إلى المتفوقين الجدد بأن «يديروا بالهم» في اختيارهم للتخصص الذي يستحقون عليه «بعثة» و»منة» منها، فلا ينتقون إلا التخصصات التي تلحقهم بحقل التدريس مستقبلا، وإلا «القانون لا يحمي المغفلين» إن انتقى المبتعثون تخصصا لا تتوافر في «التربية» وظيفة تناسبه؟!

معنى ذلك أنه إما أن يرضى المبتعث بأية وظيفة في الوزارة، حتى لو «فراش» (مع احترامنا للفراشين، إلا أننا نتحدث عن شباب طموح ومتفوق يستحق الأكثر دوما)، وإلا يرجع ما صرفته عليه الوزارة؟! وكون الغالبية «من ذوي الدخل المحدود»، وربما الأكثرية نهلوا العلم نهلا حتى يحصلوا على تلك «المنة» لأنهم من دونها لن يستطيعوا أن يكملوا مشوارهم ويتخلصوا من عباءة الفقر، فإنهم لن يتمكنوا من الدفع للوزارة، وبالتالي أمامهم خياران إما الرضا بأدنى الوظائف في «التربية» حتى ترفع عنهم «منتها»، أو السجن!

المشكلة أن «التربية» غالبا ما تصرح بأن الطلب عليها «فائض» عن الوظائف الشاغرة لديها، وهي نفسها واجهت ومازالت تواجه مشكلة تأمين الوظائف للجميع، وليس خريجو اللغة العربية والخدمة الاجتماعية إلا مثال، فكيف ستواجه «التربية» المشكلة إن وضع كل المتفوقين التدريس هدفا لهم؟!

الأكثرية لا تجد في التدريس إلا «مقصلة» للطموح والإبداع، ومن كانوا يرون غير ذلك فبمجرد دخولهم إلى المدرسة اكتشفوا وعورة الطريق الذي ابتغوا السير فيه، فاستسلموا لـ «الإحباط»، والصامدون فيهم مازالت تمارس ضدهم شرور الإقصاء والضغط وقتل الحماس والرغبة في التجديد، فمن أين سيجد المبتعثون الدافع للالتحاق بسلك الوزارة؟!

«لا ترحم ولا تخلي رحمة الله تنزل»، هكذا هي «التربية»، فلا هي «حسنة السيرة» من جميع الجوانب الإدارية والتعليمية والتربوية... إلخ، بشكل يشجع على الالتحاق بركبها ويشبع رغبات وطموح الطلبة، ولا هي قادرة على «رفع المنة» لكي يتمكن المبتعثون من الرقي بذواتهم وإفادة الوطن في مجالات ومؤسسات أخرى بعيدة عن «مقصلتها القاتلة»! رجاء التفتوا إلى المتفوقين وارفعوا «مكافآتهم» عن «التربية».

إقرأ أيضا لـ "عبير إبراهيم"

العدد 1719 - الإثنين 21 مايو 2007م الموافق 04 جمادى الأولى 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً