فجر النائب الوفاقي عبدالله العالي قنبلتين مساء الأحد الماضي بمقر الجمعية بالقفول، إحداهما تخص الوفاق والثانية تخص الحكومة، فيما يتعلق بقضية «فشت الجارم».
نبدأ بالقنبلة الصغيرة التي تتعلق بتصريحات صحافية أدلى بها بعض نواب كتلة الوفاق، وفي مقدمتهم النائب جاسم حسين، الباحث الاقتصادي الذي دأب على التدقيق في الأرقام والاحصاءات وغربلتها، لمعرفة مدى دقتها، في ظل اعتماد سياسة ضبابية تفتقر إلى الشفافية. وآخر ما طرحه التشكيك قبل يومين في أرقام الجهاز المركزي للإحصاء الذي يحصر عدد السكان في حدود 740 ألفا، فيما يذهب حسين إلى أن التعداد الحقيقي يصل إلى 850 ألفا، وهو رقمٌ يعتبر قنبلة في حد ذاته.
ما نأخذه على النائب الوفاقي في قضية فشت الجارم، تساؤله عن مبلغ صفقة البيع وهل تم تحويله إلى خزانة الدولة، ما يعني انه تسليمٌ بالسياسة الحالية التي تدار بها الأراضي، والتي ترد عليها إشكالات كبيرة في مقدمتها الأضرار التي تلحق بالغالبية العظمى من أبناء الشعب البحريني بمختلف تلاوينهم وطوائفهم وانتماءاتهم، وأول الغيث هذه الأعداد المتزايدة من المواطنين المعلّقة طلباتهم في أروقة وزارة الإسكان.
كان المفروض ألاّ يطرح التساؤل عن مبلغ الصفقة، وإنما عن أصل الصفقة ومدى دستوريتها وتوافقها مع مصلحة الشعب، ليعرف الرأي العام التفاصيل، وليتم على ضوئها البحث عن سبل لمعالجة الموضوع الذي يلقى إجماعا شعبيا وبرلمانيا منقطع النظير. ما فاجأنا به النائب العالي هو تفسيره لهذا الطرح بأنه إنما كان من باب السخرية لتكشف الحكومة عن الرقم، وهو ما لم نفهمه كقراء أو كمواطنين ومتابعين، وخصوصا أن الموضوع لا يحتمل مثل هذا الطرح.
أما القنبلة الثانية التي تخص الحكومة، فقد فجّرها العالي أيضا بكشفه عن أن مساحة الفشت الكلية تزيد على 360 كم مربع، اعتمادا على وثائق التسجيل العقاري. وهو ما يزيد على المساحة المعلنة التي تتداولها الصحافة المحلية منذ أسابيع. والرقم يمثّل قنبلة أخرى حقا، فنحن لا نتحدث عن مجرد فارق 100 كم مربع، بل عن زيادة كبيرة، معناها أن الفشت لا يمثّل مساحة تزيد على ثلث مساحة البحرين فحسب، وإنما تزيد على نصف المساحةالكلية.
ندوة الوفاق حضرها عدد من المهتمين بالشأن العام، وعدد من الصحافيين والبيئيين، بالإضافة إلى عدد من البحارة والصيادين من مناطق عدة، وهو ما يدل على أهمية الفشت للجميع، فهو ملتقى لثلاث محافظات: المحرق والعاصمة والشمالية، ولكنه «فشتٌ بلا هوية» لأنه لا يتبع أيا منها، ما يستوجب من الجميع العمل على حفظه والعمل على إصدار تشريعات لجعله محمية طبيعية، بالإضافة إلى فشت العظم وغيره من مناطق مماثلة بما فيها مهزة سترة.
الناشط البيئي غازي المرباطي اعتبر الرأي العام أمام صراع لتكريس مفهوم الدفاع عن الحق العام، فإذا كنا في بلدٍ لا نحترم البيئة، فلابد أن تنشأ مشكلات بيئية كبيرة، وسنكون مساءلين على مستوى الخليج الذي اعتبرته منظمة الفاو حوضا واحدا له مخزون استراتيجي من الثروة السمكية، يبلغ 600 ألف طن، النسبة المستغلة منه فقط 33 في المئة. من هنا لا نملك الحق في البحرين في تدمير هذا الحوض المشترك، ويجب أن يكون هناك تضامنٌ دوليٌ لإنقاذ الشعاب المرجانية التي تنتج كميات كبيرة من الأسماك. ولذلك تدخل الحركة - والكلام لايزال للمرباطي - في نطاق الأمن الغذائي، ما يستوجب تحرك جميع مؤسسات المجتمع المدني، وتوعية المجتمع والرأي العام بما يمكن أن تؤول إليه البيئة والموائل البحرية جرّاء استمرار الردم وطرق الصيد الجائر وزيادة التلوث وإهمال البيئة.
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 1719 - الإثنين 21 مايو 2007م الموافق 04 جمادى الأولى 1428هـ