أعرف فشت اليارم وأنا لم أتخطَ الثانية عشرة من عمري، حيث كان جدي يصحبني معه (صيفا) في رحلات الصيد التي تربو على ثلاثة أيام من المبيت في عرض البحر. كان فشت اليارم ومازال (نسبيا) مرعى لصيد الأسماك وعلى الأخص سمك الشعري والهامور... يقع «الفشت» شمال البحرين ويبعد مسافة عشرين كيلومترا تقريبا (سابقا قبل دفان بحر البسيتين) عن أقرب ساحل في البحرين.
مساحة الفشت الإجمالية (266 كم)، يحد فشت اليارم من الشمال «بنية أم درب»، وهي علامة للطريق المؤدي إلى الهيرات وهي علامة أيضا على وجود بندر، أي مكان آمن وقت اشتداد الرياح. ويوجد عند بنية أم درب قصار أحمر، وهو فشت صغير ولكنه غليظ. وأذكر أن هذا القصار لا يخلو من هامور، ونادرا ما كنا نرجع خائبين منه! وتحد فشت اليارم من الجنوب مجموعة حديد مغروسة في الأرض تسمى أشياب «الجيتي»، يقال إن «الجيتي» انعدم في الفترة الأخيرة، وقد غرسته شركة ميناس للتنقيب عن النفط. كما يحد اليارم في أقصى الجنوب الغربي منطقة جادوم المعروفة بصيد الكباكب والخثاثيق. أما من الشرق فإن هناك بنية تسمى بنية الشغب، ويكثر في تلك المنطقة الشعري والفسكر أيضا، وفي الثمانيات تم ردم البحر قرب البنية وعُملتْ جزيرة اصطناعية كمعسكر تابع لقوة دفاع البحرين. في غرب اليارم هناك الكثر من العلامات، منها: الشيب بوثلاثة، ومن الشمال الغربي يوجد «تك» سفينة تستخدم لجر السفن الكبيرة وللابحار قصير المسافات، وتسمى تلك المنطقة «كشان» وقربها بنية تسمى ببنية أم خميس، ومن الجنوب الغربي توجد بنية تسمى بنية اللقفه، وهي في أقصى الغرب وبعيدة نسبيا عن اليارم، وقربها مصائد (حضور) للصيادين، أعتقد أنهم من الدراز.
تحيط باليارم بحار عميقه بها مصائد للهامور والكنعد، لذلك فإن اليارم هو ملاذ ومكان آمن وبندر للبحارة حين اشتداد الرياح. والبندر في اليارم عبارة عن خورات، مفردها خوره، وهي بقعة من بين الفشوت والقصاصير أرضها طين ومياهها غزيرة نسبيا. وهذه الخور موجودة في الجهات الأربع لليارم وفيها تكون السفن في مأمن من الرياح الشديدة. وليس كل بحار يعرف طريقها!
على النواب في دورتهم الحالية أن يشرعوا قانونا لحماية الأراضي المغمورة بالمياه، وعليهم أن يحددوا تبعية تلك البحار إلى الدوائر البلدية، أي تحديد أرقام مجمعات لتلك البحار ومن ثم إدراجها ضمن المحافظات الأقرب لها. وألا تظل بحارنا نهبا هكذا! والغريب في الأمر أن كل البحار والجزر البعيدة، كحوار وما جاورها من جزر مسجلة ضمن محافظات، إلا فشت اليارم والجزر المحيطة بالمحرق، لماذا لم يتم إدراجها ضمن المحافظة؟! إذا فقانون المحافظات معيب من الوجهة القانونية لخلوه من تلك البحار والجزر، وفي دولة القانون والمؤسسات لا يوجد شيء خارج القانون!
ليس باستطاعة أي مسئول إظهار وثيقة تؤكد ملكية فشت اليارم للدولة، ومادام الأمر كذلك فأنني اعتقد بيعها. بل وأوكد أن البيع تم وحجم المساحة التي بيعت كبيرة، للدرجة التي لم توضع على خريطة عادية (ورقية) بل على C.D. ماذا تريدون أكثر يا نواب لكي تتحركوا؟! من لم يصدق عليه أن يشرب من ماء بحر فشت اليارم، ونحن قد شربنا من الماء ذاته وتمزقت أيدينا من فشوت اليارم وقصاصيره، ونعرف اليارم قطعة قطعة، وما يقوله المسئولون عن عدم بيع فشت اليارم هو كلام غير صحيح.
أعلم أن النواب لن يتمكنوا من استخراج وثيقة واحدة عن فشت اليارم (وإن استطاعوا سنكون أول من يشيد بهم) و «بيسكتونهم» بكم كلمة من مثل: أن وضعكم أفضل من غيركم، أو أن للناس حرمات ويجب الحفاظ على سرية المعلومات وخصوصيات البشر، أو أن الطابور الخامس على استعداد للانقضاض على السلطة ويجب تأخير كل شيء والالتفات إليه، أو أن الكشف عن المعلومات من الممكن أن يتسبب في تأزيم الوضع بين المجلس والحكومة، أو ان المخطط الإيراني لشراء حالة بوماهر على وشك الاكتمال، أو ان الوضع العراقي له انعكاساته علينا فحاذروا منهم... إلخ من حجج وكذب وتدليس تقوم به جهات معروفة ونافذة في الدولة بمساعدة بعض النواب والنخب التي تقبض من خلف تلك الهرطقات!
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 1716 - الجمعة 18 مايو 2007م الموافق 01 جمادى الأولى 1428هـ