كم هو مسكين هذا الفشت، فلا هوية له ولا انتماء، فالعاصمة لا تعرف إن كان يقع تحت سلطتها، ولا تملك سوى معلومات من بحارة محترفين لا تغني عن مرارة الحقيقة، ولو أن المعلومات تشير إلى أن الفشت لا يبعد إلا بمسافة 15 كيلومترا باتجاه الشمال إلى الشرق من جهة المرفأ المالي.
وحال الشمالية لا يختلف كثيرا، فهم لا يملكون سوى المعلومات التي ينقلها إليهم البحارة، وهي أن الفشت لا يبعد سوى 20 كيلومترا! القضية أن كل المحافظات لا تعلم إلى من ينتمي هذا الجزء، ولا يعلمون لماذا ظل الفشت من غير هوية طوال هذه الفترة؟ هل لأن هناك مخططا لتحويله إلى ملكيات خاصة؟ أم لأن هناك مخططا لتحويله إلى منتجع لا يدخله المواطنون، وهو الحال الذي لطالما تعودنا على مشاهدته في السواحل الخاصة التي كانت في الأمس سواحل يدخلها الجميع، واليوم لا يتمكن من دخولها إلا «الشقران»!
والشيء بالشيء يذكر، فلم يتبق للبحرينيين إلا السواحل التي تشمئز النفس منها، فهناك بالقرب من قلعة البرتغال التاريخية ساحل لا يمكن أن يخرج من يخوض في مائه إلا ورجله متورمة من الحجارة القاسية، ناهيكم عن الرائحة الكريهة التي تفوح من الساحل بسبب الإهمال المستمر والمخلفات التي بقيت مرمية فترة طويلة من دون أن يحركها أحد... أليس من المفترض أن يستكمل تجميل القعلة بتجميل الساحل لتكتمل الصورة؟ أم لأن هذا الساحل لا يرتاده إلا البحرينيون فما المانع من بقائه على حاله؟! فليحمد المواطنون ربهم كثيرا بأن هذا الساحل لايزال مفتوحا لهم ولو كان «معفوسا» ولو كانت تفوح منه رائحة «المصارين»! ولا أنسى بأنني قصدت هذا الشاطئ في الأسبوع الماضي وكان الأطفال يلهون بحمامتين مريضتين تدلت رقبتاهما، ومن يدري ربما ابتلعتا بعضا من مياه هذا الشاطئ الفاسدة لتصابان بمرض جديد اسمه «انفلونزا مصارين السمك»!
دعونا من حال السواحل الذي لا يسر، ولنرجع مرة أخرى إلى «فشت الجارم» الذي يبدو أن قضيته معقدة أكثر مما نتصور، وإن صرحت الحكومة أخيرا بأن الفشت ليس للبيع، وبأنها حريصة على كل شبر من أراضيها، فلتبرهن للجميع ذلك ولتقطع التكهنات وتضم الفشت إلى إحدى المحافظات، ونتمنى أن يحدث ذلك بسرعة لكي تغلق القضية وتعود المياه إلى مجاريها.
إقرأ أيضا لـ "عبدالله الملا"العدد 1716 - الجمعة 18 مايو 2007م الموافق 01 جمادى الأولى 1428هـ