العدد 1716 - الجمعة 18 مايو 2007م الموافق 01 جمادى الأولى 1428هـ

القيام بما هو صحيح في تركيا

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

شكّل قرار المحكمة الدستورية الديمقراطية إيقاف انتخاب الرئيس الجديد تدخلا غير ضروري في العملية السياسية التركية من قبل النخبة العلمانية القوية. وتدّعي المؤسسة العلمانية، التي تتمتع بدعم قوي من الجيش أن انتخاب وزير الخارجية عبدالله غول وهو عضو في الحزب الإسلامي المعتدل الحاكم (حزب العدالة والتنمية) يتحدى العلمانية التي هي في قلب الدولة التركية الحديثة. ولكن إذا شكّل سجل السنوات الخمس الأخيرة تحت حكم حزب العدالة والتنمية أي مؤشر فإن هذه المخاوف تعتبر في غير محلها. فقد أثبت رئيس الوزراء طيب أردوغان وحكومته أنهم براغماتيون أذكياء ومستعدون للعمل في كنف الديمقراطية العلمانية. والواقع أن شعبية حزب العدالة والتنمية تعود إلى نجاحه في الابتعاد عن حزب الفضيلة الإسلامي.

اعتدال الحزب الحاكم ونجاحه أصبحا يشكلان إلهاما لمجال واسع من النخب المسلمة المعتدلة في الشرق الأوسط.

يتوجب على هؤلاء من خارج تركيا الذين ينظرون إلى المهرجانات الجماهيرية في تركيا التي تدعم العلمانية كتعبير عن القيم الغربية أن يفكروا مرتين. الواقع أن معظم «العلمانيين» الأتراك هم في الحقيقة يشكّون في تطلعات تركيا إلى الانضمام للاتحاد الأوروبي، وهم أحيانا معادون لأميركا وغير مرتاحين بشكل عام للعولمة. وبالمقارنة قاد حزب العدالة والتنمية أكثر التوجهات وإثارة للإعجاب في تاريخ تركيا، أوصلت الدولة إلى مفاوضات دخول الاتحاد الأوروبي. وقد نما الاقتصاد التركي بمعدل 7 في المئة خلال السنوات الخمس الماضية واجتذب نحو 50 مليار دولار من الاستثمارات الخارجية المباشرة خلال ثلاث سنوات. وليس من الغريب أن تشير الاستطلاعات إلى دعم قوي لحزب العدالة والتنمية بينما تناضل معارضة ضعيفة لعبور عتبة كوتا قدرها 10 في المئة. من خلال إعاقة وإحباط انتخاب غول، وهو سياسي حافظ على الإسلام خارج السياسة العامة إلى درجة بعيدة، يحرم العلمانيون تركيا من فرصة حاسمة لزيادة اعتدال حزب العدالة والتنمية. ما يغيب على العلمانيين العسكريين هو أن حزب العدالة والتنمية سيتحول في نهاية المطاف إلى ما يماثل الحزب الديمقراطي المسيحي الألماني إذا سُمح له بذلك. يتوجب على المؤسسة التركية أن تفهم أنها لا تستطيع الاستمرار في التدخل في العملية السياسية إلى الأبد. يتوجب عليها أن تسمح للديمقراطيين المسلمين في تركيا أن يتجهوا نحو الاعتدال عن طريق تعلّم السلطة وممارستها ضمن العملية الديمقراطية. وهذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكن لتركيا أن تجد من خلالها إجماعها السياسي المحلي المراوغ. في جميع الحالات فإن السبب الرئيسي وراء تدخل المؤسسة العلمانية لم يكن الخوف من تصبح تركيا دولة إسلامية، وإنما هو أن تتآكل سلطاتها نتيجة للتوجه الديمقراطي الذي تدفعه جزئيا آمال دخول الاتحاد الأوروبي. وفي هذا المجال أصاب ترشيح غول عصبا حساسا في ديمقراطية تركيا الهشة هو العلاقات بين الحكومة المدنية والجيش الذي يرى نفسه كحامٍ للعلمانية وقد قام بإسقاط أربع حكومات منتخبة منذ العام 1960. ولا يعين رئيس الدولة القضاة ورؤساء الجامعات فحسب وإنما هو كذلك القائد الأعلى للقوات المسلحة وله سلطة تعيين رئيس الجيش. وقد نجح أردوغان الآن في تمرير قانون من البرلمان يسمح بإجراء تغييرات دستورية كاسحة تجعل انتخاب رئيس الدولة يتم شعبيا وليس من قبل البرلمان. وهكذا يصبح السؤال الحقيقي وراء الأزمة هو ما نوع الديمقراطية التي ستسد في تركيا؟ هل ستكون تحت النخبة العلمانية وذات طابع سلطوي أو منفتحة وشفافة تحت الديمقراطيين المسلمين.

*مدير مكتب أنقرة لصندوق جيرمان مارشال للولايات المتحدة، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 1716 - الجمعة 18 مايو 2007م الموافق 01 جمادى الأولى 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً