العدد 1715 - الخميس 17 مايو 2007م الموافق 29 ربيع الثاني 1428هـ

المسلمون بحاجة إلى فضائيات وحدوية لا «فضائحيات»

السيد محمد حسين فضل الله comments [at] alwasatnews.com

في هذه المرحلة، التي لم تمر مرحلة أكثر خطورة منها على الإسلام، لا بدّ لكل علماء المسلمين وفعالياتهم وشخصياتهم أن يشعروا بالمسئولية في معالجة هذه الظاهرة المشكلة، لأن الاستكبار العالمي وعلى رأسه أميركا، يخطط ويعمل وينفّذ لتدمير الإسلام كله، ثقافيا وسياسيا واقتصاديا وأمنيا وعسكريا. ولعل الكثيرين يذكرون أنّ حلف الناتو قرر في أول مؤتمر عقده إثر سقوط الاتحاد السوفياتي، وعلى لسان رئيسة وزراء بريطانيا آنذاك مارغريت ثاتشر: إنّ العدو الآن هو الإسلام.

ونحن عندما نتابع الرئيس الأميركي، بوش، نلاحظ أنه في أول ولايته تحدّث عن الحروب الصليبية وبدأها باحتلال أفغانستان والعراق وهو يتابعها من خلال ضغوطه على الجمهورية الإسلامية سواء في الملفّ النووي أم غيره من الملفات.

وهكذا بدأ إثارة الحرب ضد السودان لأنها باتت دولة نفطية، ثم بدأت الاستخبارات الأميركية تخطط للفتنة والحرب بين السنة والشيعة، وقد وظّفت لذلك الكثيرين من المسئولين العرب وغيرهم، وخصوصا من خلال التكفيريين، سواء جهات السلفيين أو بعض الخطوط الموجودة في صفوف المسلمين الشيعة بطريقة وبأخرى، وخصوصا بعد صدور فتاوى تتحدث عن الارتداد والشرك.

ولا بد هنا من تأشير أهمية مؤسسات التقريب بين المذاهب الإسلامية، بالإضافة الى الدور الكبير الذي قامت به مصر في المراحل السابقة، وضرورة عودتها إلى هذا الدور، إلى جانب الدور الإسلامي الذي تضطلع به إيران في هذا المجال.

كانت فكرة جماعة التقريب تنطلق من أن السنة قد يحملون بعض الأفكار الخاطئة عن الشيعة أو أن الشيعة قد يحملون بعض الأفكار الخاطئة عن السنة، وانطلقت البحوث العميقة والعلمية لتبيين مدى اتّساع ما يتفق عليه الطرفان، والآن نحن في أمسّ الحاجة إلى تعميق الأبحاث الوحدوية والسير في خط التقريب على المستوى الميداني.

لا يكفي في حركة التقريب بين المذاهب الإسلامية أن نجتمع في مؤتمر لنخطب ونتكلم عن الوحدة ثم يرجع كل واحد إلى جماعته وإلى بلاده ليجد أن الساحة هي ضد التقريب وهي ساحة تكفير وسبّ ولعن، بل لا بد من أن نثقف الناس من العوام وغيرهم بما يقرّب المسلمين بعضهم من بعض، ولا بد لخطباء المساجد من أن يثقفوا الناس بثقافة الوحدة وأنه لا يجوز سب الصحابة أو الإساءة لزوجات الرسول أو لأهل البيت (ع)، لأنه إذا لم يلتزم علماء السنة والشيعة بهذا المنهج الوحدوي في الحركة والموقف والكلمة، فلا قيمة لكل مؤتمرات التقريب. إن علينا مراقبة الكثير من الفضائيات الإعلامية في الدور السلبي الذي تضطلع به على مستوى إثارة الفتنة، والتحرك على مختلف المستويات لمنع هذه الإثارة والقيام بحركة ثقافية وحدوية عبر وسائل الإعلام المقروءة والمرئية والمسموعة، والتركيز على صفحات الإنترنت التي نريدها أن تكون صفحات مشرقة تضجّ بالحيوية العلمية الموضوعية، ولا تنشر التخلّف والخرافة والجهل والتفرقة، وعلينا أن نسعى لتأسيس فضائيات إسلامية وحدوية بدلا من «الفضائحيات» التي تؤسس لثقافة التمزيق والتفريق والتشتّت.

وعلينا الحذر مما تقوم به فرق من المشايخ من الذين قد يتحركون في مواقع رسمية وغيرها ليعملوا على إثارة الفتنة من خلال انتماءاتهم السياسية وعقدهم الذاتية، مثلما علينا الانتباه من الوقوع في اللعبة الجديدة التي يتقرّب فيها فريق على مستوى الأنظمة العربية ليطلب من أميركا أن تدعم السنّة أو أن ينبري فريق آخر ليراهن على وقوفها إلى جانب الشيعة، لأن الإدارة الأميركية هي ضد السنة والشيعة في آنٍ معا، وهي لا تعرف المودة لهما وتريد للعنوان السني والشيعي أن يتحرك لخدمة مصالحها، إذ لم يبق بيدها إلا لعبة التفرقة بين الطرفين.

إقرأ أيضا لـ "السيد محمد حسين فضل الله"

العدد 1715 - الخميس 17 مايو 2007م الموافق 29 ربيع الثاني 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً