يوم الأربعاء المقبل، الموافق 23 مايو/ أيار الجاري يعرض صندوق العمل في البحرين الخطة الاستراتيجية لإصلاح السوق. ومن المتوقع أن تضع الخطة أصابعها على مكامن الخلل من أجل المبادرة للإصلاح، وأن تتلمس، في الوقت ذاته، وبالقدر ذاته، مواطن القوة والتفوق فتعزز منها وتشجعها. لكن بعيدا عن هذا وذاك، لا يمكن تناول الخطة بالدراسة والتقويم حتى يتم نشرها علنا، وهو ما سيقوم به الصندوق في لقاء الأربعاء المقبل، يدور الحديث حول مدلولات هذا الخطة على السوق وانعكاساتها المباشرة وغير المباشرة على القوى ذات العلاقة به والمؤثرة في توجهاته الحالية والمستقبلية. على صعيد الدولة، أو بشكل أكثر تحديدا على، مستوى صندوق العمل تعكس هذه الخطة الأمور الآتية: 1. أن الدولة تخوض تحديا ذاتيا من خلال التمسك بالشفافية التي يدعو إليها ميثاق العمل الوطني، وتحاول مؤسسات الدولة، بتفاوت، السير على طريقها، ومن ثم فالشفافية لم تعد شعارا سياسيا للاستهلاك اليومي العام، بقدر ما هو رؤية متكاملة في نطاق مشروع مستقبلي متكامل. 2. أن الدولة من خلال سوق العمل قررت أن تعالج الموضوع من مدخل استراتيجي بما يعني ذلك من بعد زمني وإلتزام سياسي. بمعنى آخر لن يكون الإصلاح «مشروعا» من المشروعات الآنية ذات التأثير المحدود على الصعيدين الاقتصادي المباشر، والسياسي المتكامل. إنه خطة تتناغم مع خطط أخرى تسير في السياق ذاته، ونحو الأهداف ذاتها. 3. أن الدولة تنبذ النزعة القبلية القائمة على الاستفراد بالقرار والتحكم في آليات وسيرورة التنفيذ، وهي قررت، وهو قرار في غاية الحكمة، وبمبادرة ذاتية أن تشرك القطاع الخاص في منافشة الخطة وآليات تنفيذها. 4. أن الدولة وهي تطرح هذه الخطة، ومن خلال تعاونها الاستراتيجي مع القطاع الخاص، تسير باتساق وتكامل مع سياستها الرامية إلى المزيد من الخصخصة بما فيها شركات تملكها حكومة البحرين بالكامل أو حصة معينة منها. يدلل على ذلك تأسيس شركة «ممتلكات القابضة» والخطوات التي تسير عليها «ممتلكات». وطالما تتمسك الخطة بمشاركة القطاع الخاص، وفي هذه المرحلة المبكرة من طرح الفكرة ناهيك عن تبنيها، فيمكننا أن نلفت النظر، فيما يتعلق بالقطاع الخاص، إلى الأمور الآتية: 1. أن هذه فرصة تاريخية أمام القطاع الخاص البحريني كي يقول كلمته في وسائل إعادة هيكلة السوق: مؤسسات وموارد بشرية، وأساليب إصلاحه بما يتناسب ومتطلبات السوق الداخلية المحلية أولا، واحتياجات السوق الإقليمية والعالمية ثانيا. 2. أن المشاركة لا تعني الحقوق فقط، بقدر ما تعني الواجبات أيضا. ومن ثم فمن المستحسن، بل ولربما من المطلوب، أن يتسلح القطاع الخاص بكل ما يحتاج إليه من شجاعة وإلتزام كي يبدو في موقف الند للند مع الدولة في إقرار تلك الاستراتيجية وتحمل أكلاف وتبعات تنفيذها. 3. ان على القطاع أن يدرك أن الفرص التاريخية يصعب تكرارها، ومن ثم عليه أن يتناول الاستراتيجية من زاوية الثقل السياسي الذي يطمح في نيله خلال الفترة المقبلة. على القطاع الخاص أن يغادر مقاعد انتطار الهبات والمكرمات ليحتل مواقع التخطيط وصنع القرارات... والمقصود بالقرارات هنا الاستراتيجية منها وليست الهامشية التي تلبي طموحات السياسيين الموسميين. ونحن أمام استشرف معالم الاستراتيجية وآفاقها، تبرز أمامن ثلاث قضايا نعتقد أنها أساسية وتمس القطاعين الخاص والعام بشكل مباشر: الأولى، هي مدى وعمق ربط هذه الاستراتيجية بمتطلبات ومقاييس وآليات عمل ما أصبح متعارف عليه بالاقتصاد الجديد أو «الاقتصاد المعرفي». وإذا الجواب نعم، فهذا يعني اننا ننظر أماما نحو المستقبل ولا نستدير إلى الخلف نحو التاريخ. فمن المسلمات عند وضع الاستراتيجيات أن تكون مستقبلية لا تاريخية. الثانية، إلى أية درجة ستشرك الاستراتيجية الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم في إقرار هذه الاستراتيجة أولا، وتنفيذها ثانيا، وتطويرها لاحقا ثالثا وليس أخيرا. وأهمية إشراك المؤسسات البحرينية الصغيرة والمتوسطة، ان دورها بمعايير كثيرة ومتنوعة: الدخل السنوي، عدد العاملين فيها، القيمة المضافة التي تولدها، يتجاوز دور الكثير من الشركات الكبرى. ولعل في مثل هذا الإشراك وسيلة بنقل الصغرى نحو المتوسطة، والمتوسطة إلى درجة الكبيرة. الثالثة والأخيرة، كيف ستكون آليات الحوار ومن ثم المتابعة، وكيف سيتم توزيع الأدوار والمسئوليات بين القطاعين الخاص والعام؟ وهل سنرى نوعا من التراجع الاستراتيجي التدريجي المرن من قبل القطاع العام، وإحلال مبدع متطور من القطاع الخاص، على أن يتم ذلك في إطار استراتيجي متكامل ينتشل البحرين من الواقع غير المضيء حاليا إلى موقع متقدم نسبيا؟
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1715 - الخميس 17 مايو 2007م الموافق 29 ربيع الثاني 1428هـ