العدد 1714 - الأربعاء 16 مايو 2007م الموافق 28 ربيع الثاني 1428هـ

المثارة «Provoked»: قصة فيلم أثار الإعلام البريطاني

امرأة تحرق زوجها... وتصبح رمزا للنساء

«المثارة» فيلم هندي باللغة الانجليزية، أطلق عليه هذا الاسم بسبب حجة المحامي لتبرئة ساحة موكلته وهي البطلة. يستند هذا الفيلم إلى قصة حقيقية، جرت حوادثها في مدينة الضباب (لندن)، يتم في الفيلم التركيز على حياة «ركنجيت»، ربة بيت تسافر مع زوجها من البنجاب في الهند، للعيش في ضواحي لندن، تتعرض هذه السيدة لسوء معاملة من زوجها المدمن على الكحول، وخلال فترة معاناة امتدت إلى عشر سنوات، أنجبت خلالها طفليها.

غير أن ذلك ينتهي بمحاولة قتلها لزوجها، وذلك بسكب زيت عليه، ثم إشعال النار فيه، يبقى الزوج لفترة طريح الفراش، ثم يتوفى متأثرا بجروحه، تتهم الزوجة بمحاولة القتل، والقتل العمد من الدرجة الأولى، ما يؤدي إلى الحكم عليها بالسجن المؤبد، عقوبة على ما اقترفته.

تودع في أحد سجون بريطانيا، فتتعلم من إحدى النزيلات، وهي الممثلة «فيرونيكا سكوت» اللغة الإنجليزية، لتتكيف بعد ذلك مع الحياة الجديدة في السجن، تتأثر صاحبتها في الزنزانة بقضيتها، فتطلب من أخيها اللورد إدوارد مستشار جلالة الملكة أن يقوم بمساعدتها، وذلك من خلال تقديم استئناف لحكمها، من دون علم «كرنجيت». وتحاول إحدى المتطوعات للأعمال الخيرية، والمختصة في الظروف الاجتماعية للموظفين الآسيويين، الذي يرزحون تحت طائلة المعاناة داخل بريطانيا، فتقوم بلقائها والاطلاع على تفاصيل وملابسات قضيتها، وتطلب من «كرنجيت» أن تعطيها توكيلا للمرافعة عنها، كخدمة تسديها لها، فتطلب البطلة من المتطوعة خدمة أخرى، وهي رؤية ابنيها، الذين يقيمان لدى أم زوجها، إلا أن الأخيرة ترفض السماح لحفيديها رؤية والدتهما، لكن المتطوعة تقوم بحيلة وتجلب ابني «كرنجيت» ثم تنجح أيضا في لفت الانتباه إلى قضيتها، محاولة منها لتحريك الرأي العام لصالحها. هنا يسترجع الفيلم مراسم زواج هذه السيدة البنجابية «كفلاش باك»، وكيف تجري المراسم لتأخذ بعدها إلى مدينة لا تعرفها، ولغة لا تجيد التحدث بها، وزوج يظهر لها صورة مغايرة في التعامل معها، وخلال هذه المرحلة، تصل الأمور بالزوج إلى خيانتها، ثم الاعتداء عليها، وتضاف إلى التأثير الذي تخلقه صورة العنف المنزلي وسوء المعاملة المؤثرات الموسيقية، التي تمكنت من فرض إحساس مقارب للمشهد.

نجح الفيلم بصورة ما، في تقديم صورة عن سوء المعاملة المنزلية، وهي قضية كثيرا ما يتم الحذر منها في أوروبا. وبذلك نجح الفلم في إثارة انتباه الرأي العام والمتلقي، إلى حجم المأساة التي ترزح تحتها النساء، أمام ذكورية القوانين والأنظمة، وأمام زوج سادي يشعر برجولته حين يضطهد امرأته، ويتحسس بقوته بالاعتداء عليها، فتجرع السكوت خوفا على ولديها الصغيرين، وخوفا من مدينة مجهولة بالنسبة إليها، ومن جانب آخر لا تعرف لغتها، تبقى هذه السيدة تحت كل هذا الظلم معزولة، تقوم بدور الضحية والبطلة الممثلة وعارضة الأزياء الهندية أشواري، فتتقن التعبير عن حجم المأساة الواقعة بملامح عينيها الهادئتين كبحيرة خضراء.

الفيلم حصد الكثير من شباك التذاكر البريطانية ربما يرجع سبب ذلك إلى البيئة التي حدثت فيها تفاصيل القضية، وهي تمس هذا المجتمع البريطاني بالذات، وربما لأن مثل هذه القضايا أصبحت قضايا متفاقمة في المجتمعات، وبعيدا عن تحليل كل ذلك، لاقى هذا الفيلم نجاحا معقولا، غير أن تصويره لم يكن ذا جودة عالية، ويبدو أن المخرج ركز على طرح القضية بطريقة مباشرة، بعيدا عن إبداعية الصورة والإخراج.

ينتهي الفيلم بخروج «كرنجيت من السجن»، السجن الذي كان بعدة تمثلات، منه الزوج والمعاملة السيئة والندم، وسجن عدم القدرة على التواصل بسبب اللغة، وسجن كذب الشرطة بشأن قضيتها، ثم السجن الحقيقي. تخرج هذه السيدة امرأة أخرى، امرأة قوية تحسن تربية أبنائها وإعالة بيتها، إلا أن النهاية أخفقت في رسم صورة الفرح، أو الانتصار الذي ترسمه القصص التقليدية، بشأن انتصار الخير دائما، وفي الحصيلة فإن دقائق الفرح أقصر بكثير من مساحة العذاب النفسي الذي تتعرض له الزوجة، وبالتالي العذاب الذي يتلقاه المشاهد لمعايشته أجواء هذا الفيلم.

العدد 1714 - الأربعاء 16 مايو 2007م الموافق 28 ربيع الثاني 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً