العدد 1714 - الأربعاء 16 مايو 2007م الموافق 28 ربيع الثاني 1428هـ

مصطفى حجازي: العنعنة الجامعية كارثة

في محاضرته بـ «الملتقى الثقافي»

ضمن برنامج الملتقى الثقافي لموسم مايو/ أيار الجاري، قدم مصطفى حجازي محاضرة تحت عنوان «الثقافة والتنمية» استعرض فيها الكثير من جوانب التنمية الثقافية، على مستوى الوطن العربي عموما، والخليج خصوصا، مثيرا الكثير من علامات الاستفهام بشأن التنمية العربية.

حجازي - الذي اعتبر أن الثقافة مرتبطة بالهوية - أطلق تحية لـ «ربيع الثقافة» والمدافعين عنه، إذ اعتبره دفاعا عن كيان الثقافة. كما وصفه حجازي بأنه «دفاع ضد الغزو»! وإضافة إلى ذلك، فإن لدى الهوية بعدا آخرَ، هو التنمية التي كما يذكر حجازي لم يتم الحديث عنها إلا ما ندر؛ ولذلك لزم إبراز هذا البعد، وهو بحث في وظائف الثقافة ودورها في التنمية.

الهدف الذي توخاه حجازي في محاضرته هو التدليل على أن الثقافة ليست ترفا أو متعة أو مجرد رقي. إنها تعمل في صلب التنمية، التي عرف الخليج انطلاقة كبرى فيها «العمران والأسواق»، ثم انطلق المحاضر لتعريف كل من الثقافة والتنمية، ثم تحليل العلاقة بينهما، على صعيد وظائف الثقافة في التنمية.

مشيرا إلى أن هناك تعريفاتٍ متعددة للثقافة، إذ هناك تعريف لغوي، فكري اجتماعي انثروبولوجي، في حين أن تعريفها اللغوي مشتق من مصدر ثقف، أي صار حاذقا، وامرؤ ثقيف، أي: ذو فطنة وذكاء، كما يقال أيضا ثقف الرمح وسواه بالثقاف، وهي التسوية وتقويم الاعوجاج، أما المعاني التي تلحق بهذا المصطلح في اللغات الأجنبية، سواء اللغة الإنجليزية أو الفرنسية، فهي مشتقة من الزراعة، وعلى المستوى الإنساني هي تنمية المَلَكَات العقلية بواسطة المِران والتهذيب الذهني، أما الثقافة فكريا فهي اكتساب المعارف التي تنمي الحس النقدي، والوعي الفكري والذوق والحكم، فالثقافة بهذا اللحاظ تعني عملية ترقية الإنسان الفرد في مختلف الحقول سواء الفنية أو العلمية أو الروحية.

متطرقا إلى أن الثقافة ليست «سخافة»، والحرب على أشكال الثقافة سواء من خلال التجريم أو التحريم، هي مصادرة لذات الإنسان، ومحاولة التحكم فيه وتسييره، وهي أيضا قمع للطاقات، بصفتها وجها مضادا للتنمية بجميع أشكالها، كما أنه استلاب للإنسان في حقل إنسانيته، ولكن في المقابل كما يشير المحاضر إن الثقافة ليست للدفاع عن الهوية والكيانات فقط، بل لصناعة الهوية والكيانات، من خلال الطاقات الحية والخلاقة، والرفاه الإنساني وصناعة المصير.

ثم أشار المحاضر إلى الثورات التي قامت بتنمية الثقافة، معتبرا إياها إحلال سلطة العقل محل سلطان الغريب، مرجعا الكثير من النظريات التي بنى عليها الغرب حصون فكره إلى «أجدادنا»، فهم أبناء المدرسة الرشدية وابن الهيثم وكل صنّاع الفكر في وطننا العربي، معتبرا في الوقت نفسه أن هذه الثورات بقدر ما كانت انطلاقة للعقل، وماء للفنون والآداب بصفتها بنية تحتية مجتمعية لصناعة الإنسان والمؤسسات من دور، بقي المجتمع الخليجي في لحظته الراهنة، مدن أبراج ومصانعَ، من دون قاعدة معرفية فلسفية.

بعدها أشار المحاضر إلى دراسة تبحث في الصلة بين الموسيقى ونمو الدماغ البشري، واستخدام الموسيقى علاجا في الكثير من المشكلات النفسية، معتبرا أن الفنون قاطبة جزءٌ من مفهوم التنمية، وهي عنصر أساس لرفد الثقافة وتنميتها، وكما هو فن الرقص أيضا، فهو يساعد على حل المشكلات والإعاقات الحسية، وهو علاج لكل أجهزة الجسم، كما أنه - كما ذكر المحاضر - جزء من التعبير عن الذات والانسجام معها؛ لذلك يمكن فهم الترابط بين الإنسان وتأثير الفنون على أنه ترابط جوهري.

في ختام الأمسية فتح باب الحوار، وأخذت الأسئلة في مجملها ضعف تناول الحلول عند المحاضر، إلا أن المحاضر دافع عن ذلك بأن المحاضرة كانت لبيان غرض معين، وطرح حلول تحتاج إلى وقت أوسع، ودراسة متعمقة أكثر، ولعل من الكوارث التي نحصد ثمارها - كما يقول المحاضر - أن النظريات تنقل من الغرب على أنها مُسَلَّمَات، كقولنا عن فلان عن فلان إنه قال؛ وهذا ما يجعلنا شعوبا مستهلكة غير منتجة.

العدد 1714 - الأربعاء 16 مايو 2007م الموافق 28 ربيع الثاني 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً