أصدرت الحكومة الصينية في مطلع الشهر الماضي قوانينَ جديدة خاصة بنقل الأعضاء البشرية؛ بهدف الحد من الاتجار بها. ودخلت القوانين الجديدة حيز التنفيذ مع مطلع مايو/ أيار الجاري. وسيعاقب الأطباء والمشافي الذين يخرقون حظر الاتجار بالأعضاء البشرية بالغرامات المالية وإيقاف رخص مزاولة المهنة. كما ستحد القوانين الجديدة عددَ المشافي المصرح لها القيام بعمليات نقل الأعضاء البشرية. وستحظر هذه القوانين نقل الأعضاء البشرية من دون موافقة المتبرع وستعتبر عمليات نقل الأعضاء البشرية من الأشخاص من دون موافقتهم جريمة يعاقب عليها القانون. ولقيت تجارة نقل الأعضاء البشرية رواجا ملحوظا في الآونة الأخيرة في الصين إلى درجة أنها انتقلت إلى الإنترنت؛ إذ بدأ الصينيون الفقراء عرض أعضائهم البشرية للبيع من خلال شبكة الإنترنت. وكشفت صحيفة «تليغراف» البريطانية نقلا عن إحدى الصحف الصينية عن وجود إعلانات بالمواقع الصينية على الإنترنت تعرض بيع الأعضاء البشرية مثل «كلية من إنسان حي» أو «قرنية للعين من شخص ذي صحة جيدة». وتجارة نقل الأعضاء البشرية ليست محصورة في الصين، فقد أصبحت في الآونة الأخيرة منتشرة على نطاق العالم. ففي منتصف العام 2005 أعلنت منظمة رعاية الطفولة والأمومة (اليونسيف) أن حجم مبيعات تجارة الأعضاء في العالم يبلغ 10 مليار دولار سنويا. وقالت مديرة المنظمة كارلو بيرتولومي أمام مؤتمر اتحاد البرلمان الدولي المجتمع حينها في العاصمة الفلبينية (مانيلا): «إن إحصاءات المنظمة تشير إلى تزايد حجم هذه التجارة المحظورة وإن غالبية ضحاياها من الأطفال في منطقة آسيا». وفي جنوب إفريقيا نقل موقع إذاعة «بي بي سي» أن محكمة بجنوب إفريقيا وجهت اتهامات إلى شخصين بالاتجار غير الشرعي بالأعضاء البشرية. واتهمت المحكمة الشخصين بانتمائهما إلى منظمة دولية تشتري الأعضاء البشرية من الدول الفقيرة مثل: البرازيل لاستخدامها في جنوب إفريقيا. وتقوم هذه المنظمة بتوفير الكلى البشرية للجراحين الذي يجرون عمليات نقل أعضاء غير شرعية في المستشفيات بجنوب إفريقيا. وتقول الشرطة إن المنظمة تشتري الكلى من المتبرع بنحو 10 آلاف دولار لتباع بعد ذلك بأكثر من 120 ألف دولار.
أما على الصعيد العربي فتتبوأ مصر موقع الريادة. ونقل موقع «العربية» مسحا قامت به وكالة الصحافة الفرنسية قالت فيه إن «سياحة تزدهر في مصر موازية تحييها مافيا تستغل الفراغ القانوني للازدهار في بيع الأعضاء وسط اجواء من البؤس الاجتماعي والتشدد الديني». وليست هناك أرقام محددة في هذا الشأن، ولكن المصريين الفقراء الذين يحملون ندوبا تدل على عملية جراحية لاستئصال كلية كثيرون في الاحياء الفقيرة في القاهرة اذ يجد الأثرياء العرب مصدرا جديدا للحياة. وقال رئيس نقابة الأطباء حمدي السيد ان «المريض الخليجي يدفع 80 ألف دولار في الحال يستفيد منها الأطباء والمتبرع والسماسرة وهذا وضع سيئ». ويضيف التقرير «بينما يباع كيلوغرام واحد من البانغو (حشيشة الكيف) بمئة دولار، ويواجه المهربون مجازفة كبيرة لإخراجه من المزارع في سيناء - حسبما أكدت إدارة مكافحة المخدراتر - يبدو تهريب الأعضاء أسهل بكثير».
ولا يتعرض الوسطاء في بيع الأعضاء لأية ملاحقة على حين يعاقب مرتكبو بيع الأعضاء بغرامة تبلغ خمسين ألف دولار والسجن خمس سنوات وتطبق قوانين صارمة جدا في أوروبا.
وينقل موقع «الحركة المصرية من أجل التغيير» على الإنترنت تقريرا مفصلا عن الموضوع يقول فيه إن «مصر تحولت اليوم إلى المركز الرئيسي في المنطقة لتجارة الأعضاء البشرية، وإن سمعتها في هذا المجال أصبحت سيئة». مشيرا إلى أن مصر أصبح يطلق عليها «برازيل الشرق الأوسط»؛ نظرا إلى أن البرازيل تحتل المركز الأول في دول أميركا اللاتينية في الاتجار بالأعضاء البشرية. وأوضح التقرير أنه بسبب أن ربع سكان مصر يقعون تحت خط الفقر بالإضافة إلى التباين الاجتماعي الكبير؛ لذلك يقعون فريسة سهلة لمافيا الاتجار بالأعضاء.
وأرجع التقرير الذي أعدة جويل باسويل ظهور مافيا الاتجار بالأعضاء البشرية في مصر إلى حال الفقر الشديدة التي يعاني منها الشعب المصري ونقص التشريعات التي تجرّم هذه التجارة المحرمة. وكشف التقرير عن وجه آخر للمأساة يتعلق بالمصريين الراغبي في السفر إلى دول الخليج للعمل لتحسين مستواهم المعيشي، إذ يقع عدد منهم ضحية لمافيا الاتجار بالأعضاء البشرية، إذ فقد عدد من هؤلاء «كلاهم» أثناء إجراء بعض الفحوصات الطبية اللازمة لتلك الوظائف. وأشار التقرير إلى دخول السودانيين الفقراء سوق بيع أعضائهم البشرية. لافتا إلى أن بعض الأطباء وجدوا في الاتجار بالأعضاء البشرية فرصة لتحقيق مكاسب مالية سهلة.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1713 - الثلثاء 15 مايو 2007م الموافق 27 ربيع الثاني 1428هـ