تسعى مختلف المنتخبات والفرق الرياضية حول العالم إلى تحقيق الإنجازات الخارجية سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي مستفيدة في ذلك من جميع ما يتاح لها من وسائل من أجل هذه المنافسة.
ومن هذه الوسائل إعداد المواهب وصقلها منذ الصغر من خلال الأكاديميات المتخصصة التي تعنى باللاعبين من صغرهم وتهيئتهم من أجل تحقيق البطولات في المستقبل.
وأمام هذا الإجراء المتبع المعتمد على التخطيط المستقبلي الذي يتطلب الصبر والانتظار إلى حين الوصول إلى الأهداف، لجأ البعض الآخر إلى سياسة أخرى ربما تكون أقصر في الوصول للبطولات وهي المعتمدة على التجنيس الرياضي.
هذه الظاهرة التي بدأت تغزو الملاعب الخليجية ابتداء من دولة قطر الشقيقة التي اعتمدت على هذه السياسة في ظل القوة البشرية المتواضعة التي تمتلكها.
البحرين هي الأخرى خطت خطوات في هذا المجال وخصوصا في ألعاب القوى وصولا إلى كرة السلة قبل أن تقوم الجمعية العمومية بإيقافه ووصولا أخيرا إلى اللعبة الشعبية الأولى كرة القدم.
معظم المؤيدين للتجنيس الرياضي يعتمدون في حججهم على توجه الدول الغربية والمتقدمة إلى التجنيس الرياضي بحسب قولهم فلماذا لا نلجأ نحن المتخلفين رياضيا إلى ذلك؟!
هذا السؤال سيكون منطقيا لو اتبعنا الآليات نفسها التي تتبعها الدول المتقدمة في هذا المجال، إذ إن عملية التجنيس هناك تتم وفق ضوابط وتشريعات وطنية وليست وفق أهواء شخصية.
التجنيس الرياضي في الدول المتقدمة لا يتم من دون استيفاء كامل متطلبات الحصول على الجنسية التي يتطلبها حصول أي فرد آخر في تلك الدولة على الجنسية.
فقبل بطولة العالم الأخيرة في ألمانيا حاول مدرب المنتخب الهولندي فان باستن مثلا ضم لاعب إفريقي لتشكيلة المنتخب من خلال منحه الجنسية الهولندية، إلا أن السلطات رفضت هناك منحه الجنسية لأنه لم يكمل بعد متطلبات استحقاقه لها على رغم المحاولات الحثيثة للمدرب من أجل ضمه لحاجة المنتخب إليه.
وهذا ينطبق على جميع الدول المتقدمة ومن بينها فرنسا التي يضم منتخبها خليطا إثنيا ولكنهم جميعا في النهاية فرنسيون لأنهم حصلوا على الجنسية باستيفائهم جميع شروطها.
ومن أهم شروط الحصول على الجنسية إتقان لغة البلد وثقافته، إذ لا يمكن أن يمثل منتخباتنا وفرقنا من لا يعرف لغة البلد أو ثقافتها.
ولو استعرضنا جميع منتخبات الدول الأوروبية التي تضم مجنسين نجد أن هؤلاء ينتمون انتماء كاملا لتلك البلدان، فهم في غالبيتهم مولودون هناك وحتى آباؤهم ولدوا هناك ويتقنون لغة البلد وثقافته فهم جزء لا يتجزأ منه.
أما نحن فأخذنا ظاهرة التجنيس الرياضي من وجهها السلبي فقط ومن دون وجهها الإيجابي الذي سيتحقق لو اتبعنا الأساليب القانونية في التجنيس، والتي ينص عليها القانون البحريني الذي يضمن ببنوده الموضوعة انتماء المجنس للبلد ومعرفته الكاملة بثقافتها ولغتها، فهو رسول لنا في المحافل الخارجية وليس مجرد لاعب رياضي فقط.
المجنسون الذين يلعبون في فرقنا ومنتخباتنا في الوقت الحالي لا يعرفون إلا القليل عن البلد وثقافته ولغته، وهم مبعث إحراج وتندر في المشاركات الخارجية، وهذا ما كان يلازم دائما المنتخبات القطرية التي اضطرت إداراتها إلى إبعادهم بصفة مستمرة عن بقية الوفود المشاركة لعدم قدرتهم على التعامل مع الآخرين أو لعدم عكسهم للثقافة القطرية الحقيقية.
التجربة الغربية من المهم الاستفادة منها بإيجابياتها لا بتجزئتها وتحويلها إلى ظاهرة سلبية لا تخدم الرياضة بقدر ما تسيء إليها.
إقرأ أيضا لـ "محمد عباس"العدد 1712 - الإثنين 14 مايو 2007م الموافق 26 ربيع الثاني 1428هـ