نظمت جمعية «وعد» مساء الخميس الماضي ندوة عن المشروع الوطني للتوظيف، شارك فيها الوكيل المساعد بوزارة العمل جميل حميدان، ومدير المشروع محمد الانصاري، والنائب جاسم حسين، وأجمع الكل على أن البطالة مشكلة تؤرق الجميع.
الوكيل المساعد قال: إن البطالة مشكلة جدلية في كل المجتمعات، وهي تعكس خللا في مجتمعنا... فـ 75 في المئة من العاطلين من الإناث، بينما غالبية الوظائف التي تولدها السوق لا تصلح إلاّ للذكور (لتوسع الإنشاءات). وأشار إلى أن سياسة إغراق السوق بالعمالة الأجنبية تسببت في خلق بيئة طاردة للعمالة الوطنية وتدني الأجور، التي أعتبرها لب المشكلة وتتركز الجهود الحالية على حلها. وأشار إلى وجود 30 ألف عامل بحريني يتقاضون أقل من 200 دينار، تمكنت الوزارة (بعد اللتيا والتي) من رفع أجور 13 ألفا، ومن هنا اعتبر المشروع الوطني للتوظيف ناجحا بدرجة كبيرة، إذ انخفض معدل البطالة من 18 في المئة إلى 4 في المئة فقط.
الأرقام في مثل هذه الحالة مضللة، فلا توجد دولة في العالم يمكنها إدعاء القدرة على خفض معدل البطالة خلال عام واحد بهذه النسبة المذهلة. من هذه الثغرة بدأ النائب جاسم حسين هجومه على المشروع متهما إياه بالفشل، وأرجع ذلك إلى بخل الوزارة، التي لم تنفق غير 4 ملايين دينار فقط من مجموع 30 مليون دينار رصدت للمشروع، متهما الوزارة بأنها تنشر هذه الأرقام لتقول إن المشروع نجح. وحذر من هذه العقلية التي تبعث برسائل و«معلومات» خاطئة لمتخذي القرار؛ لأنها تعطيهم تصورات غير صحيحة عن الواقع. واستعان النائب بأرقام توضح تراجع نسبة البحرنة في القطاع الخاص من 29 في المئة في 2001 إلى 21 في المئة في 2006.
مدير المشروع رد بأن أرقام النائب غير دقيقة، وأنه تم حتى الآن صرف 6 ملايين، وهو ما يستوجب التدقيق على الأرقام والإحصاءات التي تقدم لنا سواء من جانب الحكومة أو الباحثين والمهتمين لكي نعرف الحقيقة. وعلى رغم الاحتكاك الصارخ بين الأرقام، فإن أجواء الندوة ظلت غالبا هادئة ومحكومة، حتى عندما تحدّث بعض أعضاء لجنة العاطلين عن العمل، وطرحوا شكاواهم وإهمال الوزارة لهم، ورفض بعض المسئولين لاستقبالهم في مكاتبهم، وهي إجراءاتٌ تثير حنق هؤلاء الشباب المحرومين من الوظائف - في وجهة نظرهم - بينما يرون ثلاثة أرباع الوظائف الجديدة تتسرب لصالح الأجانب. ومن هذا المنطلق أيضا كان موقفهم رافضا لمحاولات فتح الباب لتوظيفهم في الدول المجاورة، باعتباره تهجيرا للمواطنين وتوطينا للأجانب. وهي قضية تحتاج إلى مداولة وتدبر قبل إصدار حكم نهائي، فالعمال البحرينيون ساهموا بسواعدهم قبل عشرات السنين في إقامة مشروعات كبرى خارج بلادهم، من أرامكو في السعودية إلى مصافي النفط في سنغافورة كما قال سعيد العسبول. ولكننا في هذه اللحظة من تاريخنا، وبحكم ما تحفل به من حساسية وشد، تذهب الأذهان إلى ترجيح جانب الشكوك.
الندوة التي طالت أكثر من ساعتين، دارت حول الآني والمباشر، فالجميع يفكر في الحل السريع، حتى الحكومة ليس من مصلحتها استدامة هذه المشكلة، وتبدي حرصها على حلها بأسرع وقت، للخلاص من «وجع الرأس». ولذلك ترصد مثل هذه الموازنات التي تخفف من الوجع ولكنها حتما لن تستأصل المرض. فجوهر المشكلة يكمن في تخلف السياسة التعليمية، التي أثمرت كل هذا الحصاد، بينما نشكك في هذا الرقم أو ذاك، ونستجدي الشركات لرفع رواتب عمالها إلى 200 دينار. حتى «ماكينزي» عندما وضعت مقترحاتها، وضعت إصلاح التعليم في الأخير. ابدأوا بالتعليم اليوم حتى تحصدوا النتيجة بعد عشر سنوات، وكفى ما أضعناه منذ ثلاثين عاما.
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 1712 - الإثنين 14 مايو 2007م الموافق 26 ربيع الثاني 1428هـ