المداولات البرلمانية بشأن استجواب وزير شئون مجلس الوزراء الشيخ أحمد بن عطية الله آل خليفة من المحتمل ألا تحقق رغبة الطرفين، المطالب بالاستجواب، والمعارض له... فإن وافق البرلمان على تحويله إلى اللجنة المالية، فإن ذلك يعني الدخول في عملية تتطلب أسبوعين أو أكثر قبل أن تبدأ اللجنة أعمالها... وحينها ستنتهي أعمال البرلمان، وستبدأ العطلة الصيفية، وبذلك يتعطل الاستجواب إجرائيا، والاستجواب لا يمكن طرحه في فترة لاحقا، وكل ذلك لأن اللائحة الداخلية لا تمكن البرلمانيين من ممارسة دورهم الرقابي. أيضا، الأمور لن تسير بحسب ما يشاء الطرف المعارض لمحاسبة الوزراء، لأن ما قيل لحد الآن لا يمكن إلغاء أثره من العملية السياسية ونتائجها إذا أخذنا في الاعتبار أن السياسة ليست محكومة فقط برسميات اللائحة الداخلية للبرلمان، وان هناك مجتمعا يتنفس ويتحدث ويتعاطى موضوعات الشأن العام، وان أثر ذلك سينعكس بصورة مباشرة أو غير مباشرة على العملية السياسية.
ربما أن كتلة الوفاق أرادت أن تستجيب لجمهورها الضاغط عليها لتحقيق جزء مما وعدت به قبل دخولها البرلمان، وربما أنها أخطأت التقديرات والتوقيت، ربما أن هذا كله صحيح... ولكن ما هو صحيح أيضا أن ردود الفعل من الكتل الأخرى خضعت لاعتبارات مماثلة لما خضعت له «الوفاق» ولكن في الاتجاه المعاكس. فالاعتراض الذي طرحته كتلة الأصالة الأسبوع الماضي لم يكن في جوهر الموضوع، وإنما قالت إن طرح طلب الاستجواب قد يؤدي إلى تأزيم العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية. بمعنى آخر، فإن الاستجواب قد يزعل الحكومة... وهذا نقيض الطرح الآخر بأن «الوفاق» لا تريد أن تزعل جمهورها الذي انتخبها، وبالتالي فإنها استعجلت وألحت على طلب الاستجواب.
الموضوع تحول في جوهره من حق السلطة التشريعية في المراقبة ومحاسبة السلطة التنفيذية، إلى حق لأطراف أخرى على كتل السلطة التشريعية، وإن هذه الأطراف ستزعل على الكتل النيابية، وعليه فإن كل كتلة انطلقت لمنع زعل الطرف الذي يعنيها... «الوفاق» لا تريد لجمهورها أن يزعل، وبعض الكتل الأخرى لا تريد للحكومة أن تزعل.
إذا كان هذا الحديث صحيحا فإنه يعني أن البرلمان لدينا يشبه لعب الأطفال... فالطفل يشتري له والداه ألعابا لكي يلهو بها، والطفل قد يتصور أنه طبيب لأنه يمسك بأدوات اللعبة التي تشبه أدوات الطبيب الحقيقية، ولكن لا يتوقع أحد أبدا أن يفسح المجال للطفل بأن يمارس مهنة الطب في مستشفى مستخدما أدواته في اللعبة... فهذا أمر غير معقول وغير مطروح. وتشبيها على ذلك، فإن هناك ربما من يعتقد فعلا بأن البرلمان إنما هو للتسلية واللهو، وليس للتفعيل الحقيقي... لأنه إذا تم تفعيله بطريقة احترافية وصحيحة فإنه سيزعل هذا الطرف أو ذاك.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1712 - الإثنين 14 مايو 2007م الموافق 26 ربيع الثاني 1428هـ