العدد 1711 - الأحد 13 مايو 2007م الموافق 25 ربيع الثاني 1428هـ

مناهضو «لوثة التجنيس» بين أهواء الوطنية والطائفية والفاشية!

خالد المطوع comments [at] alwasatnews.com

الملاحظة التي لابد من إبرازها فيما يتعلق بتلقي قوى المعارضة وغيرهم من ممثلي قوى وتيارات أخرى لمسألة تهافت التجنيس في البلاد، أو كما هو دارج بـ «لوثة التجنيس»، هو أن قضية الشعب البحريني المعروف بسماحته وطيبته الفطرية وقواه السياسية المناهضة لـ «لوثة التجنيس» إنما تكمن في السياسات والتوجهات والإجراءات ذاتها، وليست مع جموع المجنسين كأفراد ذوي ثقافة وهوية اجتماعية قد تكون مغايرة.

وهو ما يعني أن بيننا وبين الدولة ألف حساب وعتاب حينما تقوم الدولة بالبحث والاستجداء جاهدة عن أفراد وجماعات لتجنيسهم، بدلا من أن يقوم هؤلاء الأفراد أو الجماعات بتقديم طلب للحصول على الجنسية حسبما تقتضي الأعراف والتشريعات القانونية بذلك.

فالدولة بسياساتها التجنيسية المتهورة هي من يلجأ ضمن لعبة سياسية يائسة إلى التفريط بإمكانات ومقدرات وموارد الوطن، وتصفية الاحتمالات الاندماجية التي من الممكن أن تتجه نحوها الدولة مستقبلا ضمن المنظومة الخليجية وغيرها، كما أنها هي التي تتسبب في تلويث المجتمع البحريني، وتوجيه الضربة الرجعية القاضية له ليرتد مئة سنة إلى الوراء، وهو أحد أكثر المجتمعات تحضرا وريادية فيدول الخليج العربية في مجالات التربية والتعليم والعمل السياسي المدني والمطالبة بالإصلاحات الوطنية وغيرها من مجالات حيوية!

الدولة مسئولة عن تفاقم الأزمات والإشكالات بعد كل ذلك، وليس المتجنسين الذين قد ينخرطون في يوم ما تحت ألوية المطالبات الشعبية الوطنية إذا ما لفحتهم الأجواء الساخنة، وصاغتهم الظروف القاسية ذاتها التي مر ومازال يمر بها الشعب.

فمطالب الشعب والقوى الممثلة ومنها قوى المعارضة الوطنية لم تخرج مرة واحدة كنبت شيطاني في الصحراء، وإنما الملاحظة والاطلاع يقضيان بأنها ظلت ولاتزال خاضعة لعوامل وظروف بيئية ضمن صيرورة تاريخية مهيأة، وبالمثل تظل جموع المجنسين معرضة لذات التحولات الانتقالية، وإن كانت أسيرة صفقات ولائية خاصة!

إن مجرد اللجوء من بعض عناصر وقوى المعارضة إلى التصعيد الخطابي والتنميط الطائفي في مواجهة سياسة الدولة في منح وتوزيع الجنسية والبحث عن من يريدها، واتباع أساليب التخويف المفرطة من الفزعة التجنيسية الطائفية المقبلة، والتي تشكل تهديدا لموقع وفعالية القوة والحضور الاجتماعي لطائفة أومكونا اجتماعيا من مكونات المجتمع يعني ارتكاب أكبر خطأ في حق تلك القضية الوطنية الكبرى التي تمس حاضر ومستقبل جميع أبناء الوطن، وهو ما سيعمل على التقليل من شأن وقدر هذه القضية عبر حصرها في نطاق طائفي ضيق أقل حجما بدلا من أن تكون مشمولة بالمصلحة الوطنية العامة.

كما أنه يعطي دافعية مؤكدة لدى الطرف الآخر «المجنسون» وغيرهم للعزف على الأوتار ذاتها، والتلاعب الطائفي بالمشاعر العارمة للجماهير المغلوبة على أمرها بأنها معرضة للخطر والتهديد والمد القادم إن لم تقبل وتحتضن وتشرعن السند والمدد المتهافت والمتمثل في «المجنسون» الذين سيكونون حصنا ودرعا لطائفة قد تستضعف في يوم من الأيام كما يقال عن ذلك، فمثل هذا التعاطي والتلقي الطائفي لقضية التجنيس وضرباتها يتواكب مع كشف النحور لتلقيها، بدلا من أن يتصدى لها بعقلانية وموضوعية خاضعة لحس عالٍ من المسئولية الوطنية.

وفي ما يشابه تلك الظروف الحساسة أذكر العريضة الشعبية المناهضة والمحتجة على سياسات الدولة في التجنيس، والتي بذلت فيها جهود جبارة من قبل الزميل محمد العثمان والمناضل الوطني والنقابي العتيد عبدالله مطيويع، وتشرفت بالاطلاع عليها، وزيارة عدد من مجالس المحرق وملتقياتها الشعبية للتعرف على مختلف الآراء والردود بشأن طرح هذا الموضوع، والتي أجمعت في غالبيتها الساحقة على ما تبعثه قضية تهور الدولة في التجنيس من قلق ومخاوف تتعلق بالمخاطر المستقبلية لهذه الظاهر.

وقد تلمسنا في البداية تحمسا شعبيا لتناول هذا الموضوع إلا أنه بدأ يفتر ويخفت شيئا فشيئا مع وجود تحرك عكسي مضاد على المستوى الشعبي يتصدره «ناشطان سياسيان» طارئان يشبههم الناس في حراكهما السياسي المتأخر بـ «فرخ الحمام» الذي على رغم كون حجمه يوازي حجم أمه أو يكبرها فإنه لايزال عاجزا عن التحليق والطيران والاعتماد على نفسه!

ففي حين كنا نحذر الناس من خطورة السياسات التي تتبعها الدولة من خلال التجنيس واستجدائه لكل من هب ودب، إلا أن هذين «الناشطين السياسيين» أثارا خلال صولاتهما وجولاتهما المرافقة لصولاتنا وجولاتنا بشكل دقيق لمجالس المحرق وتبادلهما للـ «زامات» أحيانا في ذلك، أثارا بشدة وإفراط ممل موضوع تملك «العجم» أو البحرينيين من أصول فارسية للعقارات في منطقة «حالة بوماهر» بمدينة المحرق وذلك ضمن مخطط مدبر من الجارة الفارسية للتغلغل والتوسع في البحرين وتحقيق الأطماع الامبريالية التاريخية، وهو ما يشير إلى تعمد استخدام أسلوب التخويف المضاد بغرض إشغال الناس وإلهائهم وتجميدهم لغاية محددة، وذلك بعد أن انكشف زيف الموضوع على الجميع، وما نفخ حول نيران الفتنة الإثنية والمذهبية من أباطيل خلال جلسة شعبية تاريخية بمجلس «الدوي» خرج إثرها «الناشطان السياسيان» من المجلس، وأحدهما كان محترق و»أزيرق» الوجه يذكرك بقوله تعالى «يوم ينفخ في الصورونحشر المجرمين يومئذ زرقا» ( طه:102)، والآخر خرج مكبا على وجهه وهو يذكرك أيضا بقول الله تعالى «أفمن يمشي مُكبّا على وجهه» (الملك:22).

وعلى رغم الجهود التي تتالت وبذلت بعدها من قبل شخصيات وطنية للتخفيف من الاحتقان، وعلى رأسها جهود المناضل الوطني الكبير عبدالرحمن النعيمي (شفاه الله ورعاه) والوجيه يوسف بن حسن الذي تم تهديده حينها بالقتل، فإن هذه الأزمة مازالت تشكل هاجسا ترويعيا مضادا لدى الكثير من أبناء المحرق من أهل السنة والجماعة، غالبا ما يتم استثماره في أوقات محددة كالانتخابات وغيرها.

لذلك، يظل التعامل الشعبي مع قضية «التجنيس» بمنطلقات طائفية وعنصرية مغالية تستهدف المجنسين بالدرجة الأولى بعنفية لفظية ورمزية وبدنية (لا قدرالله)، وتفرز تاريخيا بين «الأصيل» و»الدخيل»، بمثابة الغلطة الفادحة التي تضر كثيرا بالقضية وسمعة أصحابها وتفقدهم الكثير من النقاط وأوراق القوة حينما يتحولون بموجبها إلى طائفيين وفاشيين عنصريين، ويتسبب بالتالي في إحداث نوع من التآكل الاجتماعي الذاتي الذي يستبق في تنفيذه مخاطر «لوثة التجنيس» ذاتها في انعكاسها التراكمي السلبي على المجتمع البحريني.

إقرأ أيضا لـ "خالد المطوع"

العدد 1711 - الأحد 13 مايو 2007م الموافق 25 ربيع الثاني 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً